30 ماي 2009

رأيك فـــــــــى فــــلان…

Posted in النهج المستقبلى tagged , , , , , , , , , , , , , , , في 5:52 ص بواسطة bahlmbyom

فى الأهرام اليوم مقالة رائعــــة …..للأستاذ الدكتور قدرى حفنى

رأيـك في فـــلان؟
بقلم‏:‏ د‏.‏قدري حفني

44734  _جريدة الأهرام
‏_السنة 133-العدد 2009 مايو 29 ‏5 من جمادى الآخرة 1430 هـ الجمعة

كثيرا ما يجد المرء نفسه في موقف يستدعي تقييمه لآخرين‏,‏ إما لحساب نفسه ليحدد كيفية التعامل معهم‏,‏ وإما بناء علي طلب شخصي أو مهني من آخرين‏,‏ ولا أظن أن أحدا منا لم يتعرض لسؤال من نوع‏:‏ ما رأيك في فلان؟ وقد نبادر بأن نبدي علي الفور رأينا بكل صدق وصراحة‏,‏ ولكن غالبا ما تفتقد مبادرتنا الفورية هذه شرطا مهما من شروط الصواب مما قد يجعلها خلوا من أي معني إذا لم يسبق اجابتنا استفسار ضروري عن الهدف من التقييم المطلوب‏.‏ هل هذا الفلان متقدم للزواج من احدي فتيات الاسرة؟ هل هو متقدم للمنافسة في مناقصة لإقامة مشروع معين؟ هل هو متقدم لشغل منصب قيادي سياسي؟ هل هو مرشح في الانتخابات النيابية؟ هل هو مرشح للعمل سفيرا مثلا؟
أذكر يوما منذ سنوات اتصل بي صديق زميل يشغل منصبا جامعيا تعليميا مرموقا ليحذرني من قبولي الاشراف علي رسالة يقوم بإعدادها احد المعيدين المنتسبين للمؤسسة الجامعية التي يتولي رئاستها‏,‏ وذلك بعد صدور حكم قضائي بأن يكمل ذلك المعيد دراسته العليا خارج جامعته نظرا لحدوث منازعات قضائية بينه وبين قيادات تلك الجامعة‏.‏ وقال لي صديقي إنك تعرف بالطبع أنه طالب مشاغب لا يتورع عن فعل أي شيء‏,‏ ويكفي دليلا منازعاته مع اساتذته التي تجاوز فيها كل حدود الأدب‏.‏ لم يكن لدي ما ينفي بشكل قاطع صدق الوقائع التي أشار اليها صديقي‏;‏ ولكني اعتذرت عن عدم قبول نصيحته لحرصي علي مبدأ عدم خلط الأوراق‏,‏ مؤكدا له أن مهمتي كأستاذ جامعي أن أنقل خبرتي الي الطلاب وان اقيم اداءهم وفقا للمعايير العلمية فحسب دون نظر الي اي شيء آخر‏,‏ وتساءل صاحبي مستنكرا‏:‏ أليس للأخلاق من مكان في العملية التعليمية؟ إن الأدب فضلوه علي العلم‏,‏
وعلت وجهه علامات الدهشة حين أجبته ليس دائما‏,‏ فثمة مواقف ينبغي أن يسبق الأدب فيها العلم كمعيار لاختيار قرين أو زميل في العمل أو جار‏,‏ ولكن الأمر يختلف تماما إذا كنا بصدد اختيار خبير في الكمبيوتر‏,‏ او متخصص في الفيزياء‏,‏ حيث لا يتدخل حسن الأدب في الموضوع‏,‏ بل ان علاقة الأخلاق بموضوع المفاضلة سوف تنحصر آنذاك في ارتباطها بأخلاقيات العلم تحديدا ـ كالسرقات العلمية مثلا ـ وليس بحسن الأدب بصورة عامة‏,‏ اما غير ذلك من انحرافات اخلاقية فمكان ادانتها والعقاب بشأنها هو القضاء وليس المؤسسات العلمية‏.‏ فالتعليم باعتباره حقا من حقوق الحياة والمواطنة ـ شأنه شأن الحق في المأوي والعمل والعلاج والطعام والماء ـ ليس بمكافأة تمنح للأحسن خلقا‏.‏ والحرمان من التعليم ليس بالعقوبة التي ينبغي أن توقع علي المنحرف‏,‏ وإلا لما سمحنا لمسجون أدين بالفعل في جناية قد تكون ماسة بالشرف بإكمال تعليمه والتقدم لامتحانات قد تؤهله للحصول علي درجات علمية عليا دون ان يعتبر ذلك مبررا للإفراج عنه‏,‏ كما ان ادانته جنائيا لا تبرر حرمانه من التعليم‏.‏
لا علاقة البتة ـ فيما اري ـ بين الأخطاء الفكرية او السياسية او حتي الخطايا الاخلاقية‏,‏ والذكاء او التفوق المهني‏.‏ ولا علاقة لأي من ذلك بحقوق المواطنة التي ينبغي ان تشمل جميع ابناء الوطن‏:‏ لا فرق بين صالح وطالح‏,‏ ولا بين مؤمن وضال‏,‏ ولا بين مستقيم ومنحرف‏.‏ الجميع يخضعون لقانون واحد يفرض عقوبات محددة علي تجاوزات بعينها‏,‏ وفيما عدا ذلك فليس لكائن من كان ان يخترع عقوبة او ان يجرم فعلا لم يجرمه القانون‏.‏
تداعت تلك الذكريات وانا اشهد في بلادنا انتشار ظاهرة بالغة الخطورة تتمثل في الخلط بين التمتع بحقوق المواطنة‏,‏ وصحة العقيدة وحسن الخلق‏,‏ وصواب الموقف السياسي‏.‏ ولو اقتصر الأمر علي سلوك الأفراد في تعاملاتهم اليومية لكان ـ رغم خطورته ـ مفهوما كسلوك فردي متعصب‏,‏ اما ان يتسلل الي المؤسسات في دولة ينص دستورها صراحة علي المواطنة كأساس للحكم‏,‏ فإنه يتطلب التحذير ولفت الانتباه‏.‏
ليس من حق وزارة التعليم مثلا ان ترفض إلحاق الابناء البهائيين بالمدارس‏,‏ او تتخذ الموقف نفسه ممن عادوا إلي المسيحية ديانتهم الأصلية بعد اعتناقهم للإسلام بحجة ان وثيقة الرقم القومي الخاصة بهم لا تحمل ما يدل بوضوح قاطع علي انهم مسلمون او مسيحيون‏,‏ وليس لقاض رد شهادة شاهد ايا كانت عقيدته ما لم يوجد نص قانوني قاطع‏,‏ وليس لمسئول أن يحرم فردا من فرصة التعليم أو فرصة العمل عقابا له علي خطاياه الفكرية او الاخلاقية مهما بلغت مادام لا تؤثر علي أدائه المهني المطلوب‏,‏ ويظل العقاب بمختلف أشكاله مقيدا بنصوص الدستور والقانون‏,‏ أما عودة الحديث عن عقوبة اسمها إسقاط الجنسية المصرية فهي أمر يتجاوز كل حد‏,‏ ويعيدنا من جديد إلي عصور كانت فيها الحكومات تصور أنها هي التي تمنح شرف المواطنة لمن تشاء‏,‏ بدلا من التمسك بحقيقة أن المواطنين هم الذين يمنحون للدولة وللحكومة شرف تمثيلهم والحديث باسمهم‏.‏
إنني بذلك لا أبرر خطأ‏,‏ ولا أدافع عن مخطئ‏,‏ لكنني أدافع وبكل ما استطعت بقوة ويقين عن حق جميع المصريين في الحياة وفي المواطنة‏.‏

28 ماي 2009

اليــوم ذكرى صعود جضرة بهاء الله – 28 مايو 1892-

Posted in المجتمع الأنسانى, المحن, النقس, النهج المستقبلى, النضج, الأنسان, الافلاس الروحى, الجنس البشرى tagged , , , , , , , , , , , في 2:58 م بواسطة bahlmbyom

shrine_bahaullah مقام حضرة بهاء الله في عكا

حضرة بهاء الله

صاحب الرسالة الإلهية (١٨١٧-١٨٩٢)

إنَّ رسالة حضرة بهاء الله لهذا العصر هي في الأَساس رسالة العدل والوحدة والاتّحاد، فقد كتب يقول: “أحبُّ الأشياء عندي الإنصاف،”(٥) وكرّر القول في موضعين آخرين بأن “العالم وطن واحد والبشر سكّانه”(٦) وبأنَّه “لا يمكن تحقيق إصلاح العالم واستتباب أمنه واطمئنانه إلاّ بعد ترسيخ دعائم الاتِّحاد والاتِّفَاقِ.”(٧) هذا ما وصفه الرّحمن من دواء ناجع لشفاء علل العالم.

ورغم أنَّ مثل هذه التصريحات والبيانات أَصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ مما يفكّر به عموم الناس، فَلَنا أنْ نتصور كيف باغتت هذه الآراء والأفكار شخصاً مثل إِدوارد غِرانفيل براون حين وجّه اليه حضرة بهاء الله هذه الكلمات في تصريحه الرائع حيث قال:

“الحمد لله إذ وصلتَ… جئتَ لترى مسجوناً ومنفيّاً… نحن لا نريد إلاّ إصلاحَ العالم وسعادة الأمم، وهم مع ذلك يعتبروننا مثيرين للفتنة والعصيان، ومستحقين للحبس والنفي… فأي ضرر في أنْ يتّحد العالم على دين واحد وأنْ يكون الجميع إخواناً، وأن تُستَحكَم روابط المحبّة والاتحاد بين بني البشر، وأنْ تزول الاختلافات الدينية وتُمحى الفروق العِرقية؟ …ولا بدّ من حصول هذا كلّه، فستنقضي هذه الحروب المدمرة والمشاحنات العقيمة وسيأتي الصلح الأعظم…”(٨)

وُلد حضرة بهاء الله في بلاد فارس في القرن التاسع عشر في أسرة عريقة مرموقة الجانب، وكان من البديهي أنْ يجد نفسه في بُحبوحة من العيش وقسط وافر من الثراء. إلاّ أنّه ومنذ زمن مبكّر لم يُبدِ اهتماماً بالسير على خُطى والده والدخول إلى بلاط الشاه، مُؤثِراً أن يصرف جُلّ وقته وإمكاناته في رعاية الفقراء والحدب عليهم. وفيما بعد سُجن حضرة بهاء الله وتم نفيه نتيجة اعترافه بدين حضرة الباب الذي قام يبشّر بدعوته عام ١٨٤٤ في بلاد فارس،

أشار حضرة الباب في آثاره إلى قرب مجيء الموعود الذي بشّرتْ به الأديان العالمية كلّها، فكان أنْ أعلن حضرة بهاء الله بأنَّه ذلك الموعود المنتظر، فخصّ العصر الذي شهد مجيء رسالته بهذا التمجيد والثناء: “إن هذا اليوم هو سلطان الأيّام جميعها، إنّه يوم ظهر فيه محبوب العالم، ومقصود العالمين منذ أزل الآزال.”(٩) وفي مناسبة أخرى يضيف قائلاً: “قل إنيّ أنا المذكور بلسان الإشعيا وزُيّنَ باسمي التوراة والإنجيل.”(١٠) أمّا في حقّ نفسه فقد صرح مؤكدا: “إنَّ قلم القدس قد كتب على جبيني الأبيض بنور مبين أنْ يا ملأ الأرض وسكان السماء هذا لهو محبوبكم بالحقّ وهو الذي ما رأت عين الإبداع شبهه والذي بجماله قرّت عين الله الآمر المقتدر العزيز.”(١١)

وأَما بخصوص رسالته فقد قال:

“فلمّا انقلبت الأكوان وأهلها والأرض وما عليها كادت أَنْ تنقطع نسمات اسمك السبحان عن الأشطار وتَركُد أرياح رحمتك عن الأقطار. أقمتَني بقدرتك بين عبادك وأمرتني باظهار سلطنتك بين بريّتك. قمتُ بحولك وقوّتك بين خلقك وناديتُ الكلّ إلى نفسك، وبشّرتُ كلَّ العباد بألطافك ومواهبك ودعوتُهم إلى هذا البحر الذي كلُّ قطرة منه تنادي بأعلى النداء بين الأرض والسماء بأنه محيي العالمين ومُبعِثُ العالمين ومعبود العالمين ومحبوب العارفين ومقصود المقرَّبين.”(١٢)

وعَرَفَ حضرة بهاء الله أول ما عرف تباشير الظهور الإلهي أثناء الفترة الأولى في السجن، فوصف تجربته تلك بهذه الكلمات:

“وبالرّغم من أنّ النوم كان عزيز المنال من وَطْأة السلاسل والروائح المنتنة حين كنت رهين سجن أرض الطاء [طهران] إلاّ أَنَّني كنت في هَجَعاتي اليسيرة أُحسّ كأنّ شيئاً يتدفق من أعلى رأسي وينحدر على صدري كأنّه النهر العظيم ينحدر من قُلَّة جبل باذخ رفيع إلى الأرض فتلتهب جميع الأعضاء. في ذلك الحين كان اللّسان يرتّل ما لا يقوى على الإصغاء إليه أحد.”(١٣)

وخلال السنوات الطويلة التي قضاها في السجن أنزل حضرة بهاء الله من الآيات الإلهيّة ما يقع في أكثر من مائة سِفْرٍ مجلّد. فأفاض علينا قلمه المبارك مجموعة من الألواح والبيانات احتوت الكتابات الصوفية، والتعاليم الاجتماعية والأخلاقية، والأوامر والأحكام، بالإضافة إلى إعلانٍ واضح صريح لا لبس فيه عن رسالته وَجَّهَه إلى الملوك ورؤساء الدول وحكامها في العالم، بمن فيهم نابليون الثالث، والملكة فكتوريا، والبابا بيوس التاسع، والشاه الفارسي، والقيصر الألماني ويلهلم الأول، والامبراطور فرانسس جوزيف النمساوي، وآخرون.

إنَّ مفهوم الطبيعة الإنسانيّة في رسالة حضرة بهاء الله يقوم على التأكيد على كرامة الإنسان وما فُطر عليه من خُلُقٍ نبيل. وفي أحد آثاره المباركة يخاطب حضرة بهاء الله الإنسان بلسان الحقّ فيذكّره بمنشأه ومنتهاه: “يا ابن الروح! خلقتك عالياً، جعلتَ نفسك دانية، فاصعد إلى ما خُلقتَ له.”(١٤) ويصرّح في موضع آخر: “انظر إلى الإنسان بمثابة منجمٍ يحوي أحجاراً كريمة، تخرج بالتربية جواهره إلى عَرَصة الشهود وينتفع بها العالم الإنسانيّ.”(١٥) ويعود حضرة بهاء الله فيؤكد بأنَّ كلّ إنسان قادرٌ على الإيمان بالله، وكل ما هو مطلوب قَدرٌ من التجرد والانقطاع.

“وإذا ما تَطَهّر مشام الروح من زُكام الكون والإمكان، لوجد السالك حتماً رائحة المحبوب من منازلَ بعيدة، ولَوَرَدَ من أثر تلك الرائحة إلى مصر الإيقان لحضرة المنّان وليشاهد بدائع حكمة الحضرة السبحانية في تلك المدينة الروحانية… وأما تلك المدينة فهي الكتب الإلهيّة في كل عهد… وفي هذه المدائن مخزونُ ومكنونُ الهدايةِ والعنايةِ، والعلمِ والمعرفةِ، والإيمانِ والإيقانِ لكل من في السّموات والأَرضين…”(١٦)

وقد وصف حضرة عبد البهاء، الإبن الأَرشد لحضرة بهاء الله ومركز عهده وميثاقه، رسالة والده بهذه الكلمات:

“تحمّل حضرة بهاء الله جميع البلايا حتى تتحوّلَ النفوس لتصبح نفوساً سماوية، وتتحلّى بالأخلاق الرحمانية، وتسعى لتحقيق الصلح الأَكبر، لتؤيَّدَ بنفثات الروح القُدُس، فتظهر الودائع الإلهيّة المخزونة في الحقيقة الإنسانيّة، وتصبح النفوس البشرية مظاهر الأَلطاف الإلهيّة، ويتحقق ما جاء في التوراة بأنَّ الإنسان قد خلق على مثال الله وصورته. خُلاصة القول بأنَّ تَحَمُّل حضرة بهاء الله لهذه البلايا ما كان إلاّ لكي تستنير القلوب بنور الله، ويُعوَّض عن النقص بالكمال، ويُستعاض عن الجهل بالحكمة والمعرفة، ويكتسب البشر الفضائل الرحمانية، ويرتقي كل ما كان أرضياً ليجد سبيله في الملكوت السماوي، ويغتني كل ما كان فقيراً ليجد عزّته أيضاً في كنوز الملكوت السماوي.”(١٧)

صَعِدَ حضرة بهاء الله إلى الملكوت الأَعلى عام ١٨٩٢، وهو لا يزال سجيناً في فلسطين. وبعد مضي مائة عام على صعوده احتفلت الجامعة البهائية العالمية في عام ١٩٩٢ بالسّنة المقدسة تخليداً لتلك الذكرى المئوية المباركة. ففي شهر أيار (مايو) من ذلك العام اجتمعت في الأراضي المقدسة وفي رحاب ضريحه الطاهر وفود حافلة من آلاف البهائيين يمثلون ما يزيد على مئتي بلد ومنطقة، تعبيراً عن ولائهم له وتعظيماً لقدْره، وتبع ذلك في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه مؤتمر حافل في مدينة نيويورك حضره ما يقرُبُ من سبعة وعشرين ألفاً من أَتباعه. فاحتفل هؤلاء في جو من الإجلال والبهجة بذكرى إعلان حضرة بهاء الله لميثاقه المتين الذي صانَ وحدة صف المؤمنين منذ بزوغ فجر الدعوة الكريمة. كما صدر خلال ذلك العام المتميز “بيان” خاص كان الهدف منه تعريف الناس في كل مكان بسيرة حضرة بهاء الله وفحوى رسالته السمحاء.

‘‘‘ وفى هذا اليوم يقرأالبهائيــــــــون فى العالم كله  لوح الزيارة ..وذلك فجر يوم التاسع والعشرين من شهر مايو فى الساعة الثالثة فجراًًً … للإستماع لهذا اللوح البديع …

ويجدُر بكل من أراد أنْ يزداد معرفة برسالة حضرة بهاء الله وسيرته الطاهرة، أَنْ يتمعّن في آثاره المباركة من الدعاء والمناجاة، وأنْ يتحرّى حقيقة الدعوة التي نادى بها، وإِعلانه الكريم بأَنَّه “موعود كل الأزمنة.” وعليه أخيراً أنْ يفكر ملياً في وَعْده المستقبلي حين يقول “ستنقضي هذه الحروب المدمّرة والمشاحنات العقيمة وسيأتي الصّلح الأعظم.”

http://info.bahai.org/arabic/bahaullah.html

25 ماي 2009

هى قصص تحمل أساليباً للتغيير الإيجابى فى الحياة…

Posted in مقام الانسان, القرون, المبادىء, المجتمع الأنسانى, المحن, المخلوقات tagged , , , , , , , , في 5:54 ص بواسطة bahlmbyom

  أساليب images التغيير الايجابي في الحياة… 

حكم جميلة وقصص معبرة من الممكن الاستفادة منها …

** نعـــــــل الملك

 يحكى أن ملكاً كان يحكم دولة واسعة جداً …أراد هذا الملك يوما القيام  برحلة برية طويلة . وخلال عودته وجد أن أقدامه   تورمت بسبب المشي في الطرق الوعرة، فأصدر مرسوماً يقضي بتغطية كل شوارع مدينته بالجلد ولكن احد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل وهو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط .

فكانت هذه بداية نعل الأحذية.

إذاأردت أن تعيش سعيدا في العالم

فلا تحاول تغيير كل العالم بل أعمل التغيير في نفسك .

ومن ثم حاول تغيير العالم بأسره ..

** الإعلان والأعمى

Image result for blind manجلس رجل أعمى على إحدى عتبات عمارة واضعا ً قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها

‘ أنا أعمى أرجوكم ساعدوني ‘.

فمر رجل إعلانات بالأعمى ووقف ليرى أن قبعته لا تحوي سوى قروش قليلة فوضع المزيد فيها.

دون أن يستأذن الأعمى أخذ لوحته وكتب عليها عبارة أخرى وأعادها مكانها ومضى في طريقه

لاحظ  الأعمى أن قبعته قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية، فعرف أن شيئاً قد تغير وأدرك أن ما

سمعه من الكتابة هو ذلك التغيير فسأل أحد المارة عما هو مكتوب عليها فكانت الآتي :

‘ نحن في فصل الربيع لكنني لا أستطيع رؤية جماله’ .

               غير وسائلك عندما لا تسير الأمور كما يجب.

** حكاية النسر

يُحكى أن نسراً كان يعيش في إحدى الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار، وكان عش النسريحتوي علىImage result for eagle 4 بيضات، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض فسقطت بيضة من عش النسروتدحرجت إلى أن استقرت في قن   للدجاج، وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضةالنسر هذه، وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس . وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل، ولكن هذا النسر بدأ يتربى على أنه دجاجة، وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة، وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج شاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء، تمنى هذا النسر لو يستطيع        التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلين له: ما أنت  سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور، وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي ، وآلمه اليأس ولم يلبث أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج .

إنك إن ركنت إلى واقعك السلبي تصبح أسيراً وفقاً لما تؤمن بهفإذا كنت نسراً وتحلم لكي تحلق عالياً في سماء النجاح.

فتابع أحلامك ولا تستمع لكلمات الدجاج ( الخاذلين لطموحك ممن حولك !) حيث أن القدرة والطاقة على تحقيق ذلك متواجدتين لديك بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى .واعلم بأن نظرتك الشخصية لذاتك وطموحك هما اللذان يحددان نجاحك من فشلك !Related image

لذا فاسع أن تصقل نفسك ، وأن ترفع من احترامك ونظرتك

لذاتك فهي السبيللنجاحك ، ورافق من يقوي عزيمتك  .

**حذاء غاندي…

يحكى أن غانـديImage result for gandhi shoes

كان يجري بسرعة للحاق بقطار

… وقد بدأ القطار بالسير

وعند صعوده القطار سقطت من قدمـه إحدى فردتي حذائه

فما كان منه إلا خلع الفردة الثانية

وبسرعة رماها بجوارالفردة الأولى على سكة القطار

فتعجب أصدقاؤه !!!!؟
وسألوه
: ماحملك على مافعلت؟

لماذا رميت فردة الحذاء الأخرى؟
فقال
غاندي الحكيم:”أحببت للفقير الذي يجد الحذاء أن يجد فردتين فيستطيع الإنتفاع بهما فلو وجد فردة واحدة فلن تفيده”ولن أستفيد أنــا منها أيضا.

نريـد أن نعلم انفسنا من هذا الدرس

أنــه إذا فاتنــا شيء فقد يذهب إلى غيرنــا ويحمل له السعادة فــلـنــفــرح لـفـرحــه ولا نــحــزن

على مــافــاتــنــا فهل يعيد الحزن ما فــات؟

كم هو جميل أن نحول المحن التي تعترض حياتنا إلى منح وعطاء وننظر إلى الجزء الممتلئ منالكأس وليس الفارغ منه.

 

23 ماي 2009

خالص التعازى لسيادة الرئيس وأسرته..

Posted in النهج المستقبلى tagged , , , , في 9:33 ص بواسطة bahlmbyom

اعمق التعــــــــــــــازى…

تعازىs

أثر خبر وفاة هذا الملاك الصغير فى قلوب الناس بصورة عميقة  جداً ..من منا عندما عايش هذا الموقف المؤثر لم تهتز مشاعره حزناً؟؟  فما أعمق الحزن عندما يتوفى طفلاً صغيراً وبلا مقدمات مسبقة .. خاصة ان الإعلام قد قدم صوراً للطفل الجميل وماأجمله فهو كان يتسم بالجمال والعذوبة مثله كمثل كل الأطفال الذين نعشقهم ونحبهم فهم أملنا ومستقبلنا الذين نرى فيهم صوراً لأحلامنا وأمانينا  المستقبلية  …

وبالرغم من ان كل الكتب السماوية تشير الى المقام الروحانى الذى تسكنه الروح لهؤلاء الأطفال حين صعودها الى بارئها..إلا اننا كبشر نحزن وتنفطر قلوبنا من الفراق وفقد الأحباب …

دعواتنا القلبية بأن يلهم الله تعالى الصبر والسلوان لأسرة الرئيس  فيما أصابهم من أمتحان قاسى .. ودعواتنا القلبية لجميع من ألم بهم مصائب قاسية ان يشملهم الله بعنايته وألطافه انه سميع الدعاء.

وفاء هندى

لمحة عن تغطية  الصحف ووسائل الإعلام للحدث..

http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_8060000/8060462.stm

President grandsonحملت تغطية الصحف المصرية للوفاة المفاجئة لحفيد الرئيس المصري مفارقة غريبة، ففي الوقت الذي خصصت فيه بعض الصحف المستقلة والمعارضة مساحات واسعة نشرت فيها مقالات متعاطفة ومواسية لعائلة الرئيس، لم يكن في الصحف الرسمية والمقربة من الحكومة المساحات ذاتها.

لكن الجميع تماثل في نشر صورة الأب علاء والعم جمال وهما يحملان جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير بعد الصلاة عليه في الصفحة الأولى وبشكل بارز.

وعلى الرغم أن كل مانشر في هذه الصحف لم يجب على أسئلة المصريين العديدة حول طبيعة وفاة الحفيد ومدى تأثير الحادث على أداء القصر الرئاسي في الفترة المقبلة، خاصة الزيارات المهمة التي سيقوم بها الرئيس، إلا أنها عبرت، رغم اختلاف المواقف السياسية مع الحكومة، عن احترام مشاعر الموت دون تمييز لمكانة من ألمت به مصيبته أو قدر الاختلاف معه.

إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة “الدستور” وأحد أشد الصحفيين المعارضين لحكم الرئيس مبارك عنون مقاله الافتتاحي بـ “ليس كمثله حزن”، وكتب “قلبي مع الرئيس مبارك في هذه اللحظات الحزينة، أعرف هذه اللحظات فقد جربتها منذ سنوات حين اختار ربي طفلي الأول فكأنما نزع الموت من روحي شيئا لم يعد بعدها أبدا وهي لحظات تمر على الرئيس الأب و الجد أكثر قسوة مما يتخيل أي إنسان على وجه الأرض”.

وينهي عيسى مقاله بالقول “الرئيس في هذه اللحظة الحزينة، يجب أن يشعر أننا جميعا، معارضيه قبل مؤيديه، نشاطره جرحه ونقتسم معه حزنه و نتقاسم معه هذه المشاعر المؤلمة”.

ربان السفينة

أما الصحفي نبيل شرف الدين في جريدة “المصري اليوم” المستقلة التي نشرت تغطية واسعة لموضوع وفاة حفيد الرئيس فيشاطر إبراهيم عيسى في أن المصريين في لحظة الموت “يتحولون لعائلة واحدة”.

وكتب شرف الدين” لعلها الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تصحو وتنام شوارعها وصحفها ومقاهيها ودواوينها، على توجيه أقسى ألفاظ النقد، بل السخرية الجارحة أحياناً من الحاكم، مهما كانت صفته، عندما كان فرعوناً، وحين أصبح ملكاً، وحتى صار رئيساً، ومع ذلك يلتف هذا الشعب حول حاكمه، فى أوقات المحن والمخاطر، لأنهم في هذه اللحظة يرون الحاكم أباً ورب العائلة، وربان السفينة التى ينبغي أن ترسو على مرفأ”.

أما لميس الحديدي في المصري اليوم أيضا فعنونت مقالها بعنوان “اتركوه يحزن”، وقالت عن زيارة الرئيس مبارك المهمة بعد طول انقطاع عن الولايات المتحدة “كم أتمنى أن يتخذ الرئيس قراراً بإلغاء رحلته إلى الولايات المتحدة، كم أتمنى أن يساعده من حوله على ذلك، فمن حق الرجل أن يحزن، من حق الرجل أن يتحرر من مسؤولياته ولو لأيام قليلة، وسيتفهم الجميع في مصر وفي الولايات المتحدة أيضاً.”

تعليمات مشددة

وتقول صحيفة المصري اليوم إنها علمت بأن الرئيس مبارك أعطى تعليمات مشددة إلى الجهات المختصة فى الصحف القومية، بعدم نشر أى مشاطرات لتعازيه شخصيا أو أى أحد من أفراد عائلته في وفاة حفيده.

وتضيف الصحيفة أنها “بالفعل راجعت الإدارات المسؤولة عن صفحات النعي والتعازى بالصحف المختلفة، أصحاب إعلانات المشاطرة والتعازي، حيث تم سحبها بالكامل”.

وتتابع الصحيفة أن كبار المسؤولين ورجال الأعمال والشخصيات العامة، استبدلوا إعلانات النعي والمشاطرات ببرقيات التعازي.

أما الصحف القومية فقد كررت عبارة “الرئيس يحتسب عند الله حفيده محمد علاء حسني مبارك” في مانشيتاتها الرئيسية.

صحيفة “الجمهورية” نشرت خبرا عن إلغاء مدينة الانتاج الإعلامي الحفل الفني الذي كانت ستقيمه مساء اليوم علي هامش اجتماع الانتاج الإعلامي العربي كما تم تغيير خريطة برامج التليفزيون واستبدال الأفلام والمسلسلات بالأفلام التسجيلية والمسلسلات والبرامج الدينية.

وعلى صعيد المواقع الالكترونية أنشأ المصريون العديد من المجموعات على موقع فيس بوك لتقديم التعازي إلى الرئيس المصري ومواساته.

22 ماي 2009

اليوم… ذكرى الإعلان عن دعوة حضرة الباب فى 23 مايو عام 1844

Posted in النهج المستقبلى tagged , , , , , , , , , , , , , في 7:22 ص بواسطة bahlmbyom

حضرة الباب

المبشّر بحضرة بهاء الله (١٨١٩-١٨٥٠)

“إنّها سيرةٌ تُعَدّ مثلاً من أروع الأمثلة في الشجاعة والإقدام، وكان للإنسانيّة حظّ عظيم في التعرّف عليها…”(١) ورد هذا التقريظ على لسان الكاتب والمؤرخ الفرنسي المرموق أ.ل.م نيكولاس، وكان يقصد به سيرة تلك الشخصية القدسية الفذّة التي عرفها تاريخ القرن التاسع عشر باسم “الباب.”

ففي النصف الأول من ذلك القرن استحوذ على العديد من الناس، شعورٌ عميق من التَّرقُّب والانتظار لعودة السيد المسيح. وبينما كان المسيحيون ينتظرون المجيء الثاني لعيسى ابن مريم، اجتاحت العالم الاسلامي موجة من التوقعات بظهور “صاحب الزمان.” واعتقد كلٌّ من المسيحيين والمسلمين بأَنَّ عصراً روحياً جديداً سيبدأ تحقيقاً للنبوءات التي جاءت في كتبهم المقدسة.

بلغت حميّة تلك التوقعات ذروتها في الثالث والعشرين من شهر أيار (مايو) ١٨٤٤، عندما أعلن تاجر شاب – هو حضرة الباب – بأنه صاحب رسالة إلهيّة، طال الوعد بها، ومقدّر لها أنْ تُحوِّل الحياة الروحية للجنس البشري وتحييها من جديد. وكان نداؤه شاملاً إذ قال:

“يا أهل الأرض اسمعوا نداء الله … لقد جاءكم النور من الله بكتاب هذا على الحقّ بالحقّ مبيناً لتهتدوا إلى سبل السلام.”(٢)

كان المجتمع الفارسي آنذاك يرزح تحت وطأة انهيار خُلُقي واسع في مداه، فأَعلن حضرة الباب في هكذا جوّ أَنَّ أساس الإحْياءِ الروحي والتقدم الاجتماعي هو “الحبّ والرأفة” وليس “الشدة والسطوة،”(٣) فأثار ذلك الإعلان الأمل والانفعال لدى طبقات المجتمع كافة، وسرعان ما اجتذبت دعوة حضرة الباب تلك الآلاف من المؤيّدين والأتباع.

ورغم أنَّ اسم التاجر الشاب كان سيد علي محمد، إلاّ أنه اتخذ لنفسه لقب “الباب.”وبيّن حضرة الباب بأنَّ مجيئه لم يكن إلاّ مدخلاً تَعبُره الإِنسانيّة نحو ذلك الظهور الإلهيّ الذي ينتظره البشر في كلِّ مكان. أما الموضوع الرئيس الذي تناوله كتاب البيان – وهو أم الكتاب بالنسبة للظهور البابي – فكان الظهور الوشيك لرسول ثانٍ يبعثه الله، يكون أعظم شأناً من حضرة الباب نفسه، ويحمل رسالةً جديدة لبدء عهد من العدل والسلام، وهو ما وعد به كلٌّ من الدين الاسلامي واليهودي والمسيحي، بالإضافة إلى كلّ دين عالمي آخر اعتنقه البشر.

حين أشار حضرة الباب إلى ذلك الرسول القادم استخدم عبارة رمزيّة وَصَفَتْهُ بأنّه “مَنْ يُظْهِرُه الله”. وأَكّد استقلالية ذلك الرسول وسيادته الكاملة فصرّح “بأنّه لا يستشار بإشارتي ولا بما نزل في البيان.”(٤) كما وضّح حضرة الباب أيضاً الهدف الرئيس لرسالته هو فقال: “إنَّ الهدف من هذا الظهور، وكلّ ما سبقه من الظهورات الأخرى، ليس إلاّ الإعلان عن مجيء مَنْ يُظْهِرُه الله وبعث رسالته.”(٥) وبما أنَّ جوهر الإنجازات الإِنسانية كافة موجودة في تعاليم هذا الظهور الإلهي الموعود فإنَّ “الدين كلّه يكمن في نصر ذلك الظهور ودعمه.”(٦) ولقد اعتبر حضرة الباب أنَّ التاريخ الإِنساني قد بلغ نقطة تحوّل رئيسة، وكان هو بمثابة “صوت الصارخ الذي كان ينادي في بريّة البيان”(٧) بأنَّ الإِنسانية بدأت بالدخول في مرحلة نضجها الجماعي.

وصفَ الملاّ حسين البشروئي، أحد علماء الدين المرموقين في بلاد فارس، الأثر الذي تركه في نفسه ذلك اللقاء الأول حين مَثُلَ بين يديّ حضرة الباب: “شعرت بقوة وشجاعة خُيِّل إليّ معهما أنني أستطيع أنْ أقف وحيداً لا أتزعزع في وجه العالم كلّه بكل شعوبه وحكّامه. وبدا لي أنَّ الكون لا يزيد على حفنة من التراب في يدي. وحَسِبتُ أنني صوتُ جبريلَ المتجسّد يَهيب بالناس جميعاً أنْ أفيقوا فإِنَّ نور الصبح قد لاح.”(١٥)

كان لدعوة حضرة الباب تأثير بالغ أَحدث تحوّلاً وتغييراً في النفوس، وتحقّق ذلك أساساً عبر رسائله وتفاسيره وكتاباته العقائدية والصوفية. أما البعض، كالملاّ حسين، فقد استمعوا إليه شخصياً يحدّثهم ويتحفهم ببديع بيانه. ووصف أحد أتباعه ما كان للباب من صوت مؤثّر فقال: “كان صوت حضرة الباب وهو يُملي تعاليمه وقواعد إيمانه مسموعاً بوضوح في سفح الجبل الذي كان يردد هو والوادي صوته، وكانت نغمة ترتيل الآيات تفيض من فمه وهي تشنّف الأسماع وتخترق القلوب والأرواح، وتتحرك لندائه قلوبنا من أعماقها.”(١٦)

اتّسم الإعلان عن الدعوة الجديدة بالشجاعة والإقدام، وهي الدعوة التي رسمت للبشر رؤية مجتمع جديد في كل نواحيه، فأصاب الفزع المؤسسات الدينية والمدنيّة على حدّ سواء. وسرعان ما تعرّض البابيون للاضطهاد والتعذيب نتيجة لذلك.  فأُعدم الآلاف من أتباع حضرة الباب في سلسلة من المجازر الفظيعة.  وسجّل عدد من المراقبين الغربيين الشجاعة المعنوية الخارقة التي أبداها البابيون وهم يواجهون حملة العنف والاضطهاد هذه. وتأثّر المفكرون الأوروبيون كإرنست رينان، وليو تولستوي، وساره برنارد، والكونت غوبينو، أبلغ الأثر لهذه المأساة الروحيّة التي دارت رَحَاهَا في بلد خيّم عليه الظلام. وأصبحت أخبار حضرة الباب موضوع حديث المنتديات الفكرية والأدبية الأوروبية بصورة متكرّرة. وحَمَلت تلك الأخبار البطولة التي تحلَّى بها أتباعه، وحكت عن سيرته العطرة ونبل تعاليم رسالته. وانتشرت قصة الطاهرة، تلك الشاعرة العظيمة والبطلة البابية، انتشاراً واسعاً كقصة حضرة الباب نفسه – فهي التي خاطبت جلاّديها حين استشهادها بجرأة قائلة:

“تستطيعون قتلي بأسرع ما تريدون، ولكنكم لن تستطيعوا إيقاف تحرير المرأة.”(١٧)

bwns_5472-0

( المنزل الذى أعلن منه حضرة الباب دعوته للملا حسين بشروئى والذى قام بتدميره حرس الثورة  عام 1979 )-

وفي نهاية الأمر زعم أعداء حضرة الباب ومناوئوه بأنه لم يكن مارقاً في الدين فحسب، بل ثائراً ومتمرداً عظيم الخطر أيضاً. لذا قررت السلطات التخلّص منه وإِعدامه. ونُفّذ فيه الحكم في التاسع من تموز (يوليه) عام ١٨٥٠ (الموافق للثامن والعشرين من شعبان ١٢٦٦ هجرية) في ميدان يتوسط الثُّكنات العسكرية بمدينة تبريز. واحتشد جمع غفير من الناس قُدّر عددهم بعشرة آلاف شخص، غصّت بهم سطوح الثكنات العسكرية والمنازل المشرفة على الميدان. وعُلّق حضرة الباب وشابٌ من أتباعه بحبلين ودُلِّيا أمام جدار في الميدان. واصطفّت الفرقة العسكرية وكان قوامها ٧٥٠ جندياً أرمنياً ثم انتظمت في صفوف ثلاثة في كل صف ٢٥٠ جندياً، وأطلق كل صف الرصاص بعد الآخر، وتكاثف الدخان المتصاعد من البنادق السبعمائة والخمسين حتى أظلم الميدان وتعسرت الرؤية فيه.

وسجّل أحداث استشهاد حضرة الباب السير جستين شييل، السفير فوق العادة ومبعوث الملكة فكتوريا الخاص لدى بلاط الشاه، في تقرير رفعه إلى وزير الخارجية البريطاني اللورد بالمرستون بتاريخ الثاني والعشرين من تموز (يوليه) عام ١٨٥٠، وقد جاء في تقريره ما يلي: “عندما انقشع الغبار الكثيف بعد إطلاق الرصاص، توارى حضرة الباب عن الأنظار وهتف الجمهور بأنّه قد صعد إلى السماء. فقد مزّق الرصاص الحبلين اللذين رُبط بهما حضرة الباب ورفيقه، إلاّ أنّه أحضر فيما بعد من الغرفة التي اكتُشِفَ وجوده فيها وتّم إطلاق الرصاص عليه من جديد.”(١٨)

بعد هذه المحاولة الأولى لتنفيذ حكم الإِعدام في حضرة الباب واختفائه عُثِرَ عليه يجلس في زنزانته وهو يُملي الإرشادات على أحد أتباعه. وكان حضرة الباب قد حذّر حرّاسه في وقت سابق من النهار حين قدموا ليقودوه إلى ساحة الإعدام بأن ليس هناك من قوة في الأرض يمكنها منعه من إتمام كل ما يريد الإدلاء به حتى الحرف الأخير. ولكن عندما حضر الحراس لاقتياده إلى الساحة للمرة الثانية تحدث اليهم قائلاً بكل هدوء: “أما وقد انتهيت من حديثي مع السيد حسين فبإمكانكم أنْ تفعلوا ما بدا لكم.”(١٩)

واقتيد حضرة الباب ورفيقه الشاب مرة أخرى إلى ساحة الإِعدام. إلاّ أنَّ الجند الأرمن رفضوا إطلاق الرصاص عليه مرة ثانية، فشُكِّلت فرقة من الجند المسلمين وأُمروا بإطلاق الرصاص على حضرة الباب ورفيقه. وفي هذه المرة مزّق الرصاص جسدي الشهيدين جاعلاً منهما كتلةً واحدة من اللحم والعظم، أما الوجهان فقد ظلاّ سالمين لم تصبهما إلاّ خدوش طفيفة. وانطفأ نور ذلك “البيت”(٢٠)(والبيت كلمة استخدمها حضرة الباب في أحد ألواحه إشارة إلى ذاته) تحت وطأة سلسلة من الأحداث والظروف المثيرة للغاية، أما كلماته الأخيرة فقد وجهها حضرة الباب إلى الجمهور المحتشد قائلاً: “أيها الجيل الملتوي! لو آمنتم بي لاحتذى كل واحد منكم حذو هذا الشاب الذي هو أعظم منكم شأناً، ولأقبل راضياً مختاراً على التضحية بنفسه في سبيلي، وسيأتي اليوم الذي فيه تؤمنون بي، وعند ذاك لن أكون معكم.”(٢١)

سجّل حضرة بهاء الله تقديره للباب وأجزل له الثناء في كتاب الإيقان فقال:

“… وكم ظهر من الاستقامة من ذاك الجمال، جمال الأحدية، بحيث أنَّه قام كلّ من على الأرض على منعه، ولم يأت ذلك بثمر أو فائدة بل كلّما كان يرد منهم من الإيذاء على تلك السّدرة، سدرة طوبى، كلّما كان يزداد شوقه، ويزداد اشتعال نار حبّه. وكل هذا واضح لا ينكره أحد إلى أَنْ فدى أخيراً بروحه وصَعِدَ إلى الرفيق الأعلى.”(٢٢)

وكتب المؤرخ أ.ل.م. نيكولاس الذي سجّل الأحداث المحيطة باستشهاد حضرة الباب ما يلي: “لقد فدى الإِنسانيّة بنفسه، ومن أجل الإِنسانيّة وَهَب روحَه وجسده، ولأجلها تحمّل الحرمان، والأذى، والتعذيب، والاضطهاد، وأخيراً الاستشهاد. ولقد أحكَم بدمائه ميثاقَ الأخوَّة العالمية، ودفع تماماً كما فعل المسيح حياته ليعلن مجيء عهد من الوفاق والعدالة والمحبة الأخويّة.”(٢٣)

إنَّ فترة السّنوات الستّ القصيرة التي عاشتها رسالة حضرة الباب والسرعة التي حققت فيها أهدافها رمزت في بعض أوجهها إلى الطّفْرة المفاجئة التي حثّ حضرة الباب العالم لِيُقدِمَ عليها حتى يتمّ الانتقال إلى حالة من الوعي والاحساس بالوحدة العالمية. فمنذ إعلانه الجريء لدعوته في منتصف القرن الماضي تحقّق تقدُّم قلّ نظيره في العديد من المجالات العلمية والتقنية. وسجّل هذا التقدم انبثاق التباشير الأولى لميلاد “مجتمع عالمي موحّد”. فكان دوره كـ “النقطة التي ذُوّتَ بها من ذُوّتَ”(٢٤) باعثاً لدورة جديدة من الكشف والإبداع البشري. لقد هبّت نسائم العرفان فاغتنت العقول وحَلّقت الأرواح في السموات العُلَى.

يصف حضرة بهاء الله تعاقب ظهورين إلهيّين بحيث كادا يتزامنان بأنّه “سرّ لا سبيل إلى اكتشاف كنهه.”(٢٥) ويعتقد البهائيون أَنَّ هذه الظاهرة ما هي إلاّ تأكيد على قرب مجيء “ملكوت الله على الأرض” وهي الشهادة أيضاً على عظمة ظهور حضرة بهاء الله. وقد علَّق على ذلك عبد البهاء قائلاً:

“إِنَّ حضرة الأعلى [حضرة الباب] لهو صبح الحقيقة الذي أشرق وأضاء بنوره جميع الأرجاء، إنّه المبشّر بالنيّر الأعظم، أي الجمال المبارك [حضرة بهاء الله] الذي وعدت به الكتب والصحف والزبر والألواح السابقة جميعها. فظهور الجمال المبارك أشرق بالنور ذاته الذي تجلّى على الطور في سدرة سيناء. كلّنا عباد لتلك المظاهر الإلهيّة خاضعين خاشعين لدى بابهم.”(٢٦)

http://info.bahai.org/arabic/the_bab.html

642_00_Shrine_from_Ben_Gurion_Ave

(وقد تم أختيار الحدائق والمقامات البهائيةُ إلى قائمة التراث العالمِية.  وهى  تعد من أشهر المعالم   في حيفا، إذ تجْذبُ  حوالى  نِصْف مليون زائر في السّنة من مختلف بلدان العالم على أختلاف عقائدهم وأديانهم .)

http://news.bahai.org/multimedia/slideshow.php?storyid=642

العلاقة بين حرية التعبير وحرية العقيدة‏(2)‏

Posted in النهج المستقبلى tagged , , , , , , , , , في 6:29 ص بواسطة bahlmbyom

العلاقة بين حرية التعبير وحرية العقيدة‏(2)‏
بقلم : د‏.‏ أحمد فتحي سرور
رئيس مجلس الشعب

http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=opin1.htm&DID=9954

تناولنا أمس القيمة الدستورية بحرية التعبير وحرية العقيدة‏,‏ وتعرضنا لإشكالية حل التنازع الظاهري بين حرية التعبير وحرية العقيدة الدينية ونناقش اليوم الإشكاليتين الأخريين وهما‏:‏

(‏ثانيا‏):‏ إشكالية مدي اللجوء إلي التجريم لحل التنازع الظاهري بين الحريتين أو مواجهة الحض علي الكراهية الدينية‏:‏

أشار معظم الخبراء في ندوة الخبراء التي نظمها مجلس حقوق الإنسان‏(‏ التابع للأمم المتحدة‏)‏ حول العلاقة بين المادتين‏19‏ و‏20‏ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‏,‏ المنعقدة في جنيف في‏2‏ و‏3‏ أكتوبر سنة‏2008(‏ تقرير المفوض السامي للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان ومتابعة المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان‏)‏ إلي أنه من عدم الدقة الإشارة إلي نزاع بين الحق في التعبير والحق فـي الحرية الدينية‏,‏ لأن جميع حقوق الإنسان تتمتع بالعالمية وعدم قابليتها للتجزئـة‏.‏

وقـد أشارت بعض الدول في هذه الندوة إلي الحاجة إلي الحماية ضد التشجيع علي الكراهية الدينية وأظهرت أن خطاب الكراهية قد استهدف مجتمعات معينة خاصة المجتمعات الإسلامية‏.‏ واقترح البعض عقد بروتوكول اختياري للاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري لعام‏1965,‏ من أجل حماية الكرامة الإنسانية ضد خطاب الكراهية‏.‏ وعبرت دول أخري بأن القضاء علي الكراهية الدينية وعدم التسامح يتطلب اتجاها عاما يؤكد أهمية الحوار الثقافي الدولي والتربية وإعلاء التسامح مع التعدد‏.‏

وواقع الأمر‏,‏ أن كلا من حرية التعبير وحرية العقيدة ترتبط علي درجة التسامح والاحترام المتبادل للتنوع الذي يكمن داخل المجتمع الإنساني‏.‏ وأن حرية التعبير ترتبط باحترام التنوع في المعتقدات والآراء المختلفة‏.‏

وقد كان إعلاء حرية التعبير من خلال الحوار بين الثقافات والأديان وسيلة لفض النزاع بين حرية التعبير والحرية الدينية‏.‏ وقد أكد إعلان‏’‏ برشلونة‏’‏ في نوفمبر سنة‏1995‏ الذي كان أساسا للشراكة الأوروبية المتوسطة أن الحوار والاحترام بين الثقافات والأديان شرطان ضروريان للتقارب بين الشعوب‏.‏

ولهذا طالب البعض في ندوة الخبراء التي نظمها مجلس حقوق الإنسان في‏2‏ و‏3‏ أكتوبر سنة‏2008‏ بالتزام الدولة بتجريم الدعوة إلي كراهية الدين سواء عن طريق التمييز أو العداء أو العنف‏.‏ ولوحظ أن تقييد حرية التعبير لمحاربة الدعوة إلي الكراهية الدينية لا يجوز اعتباره شرا لابد منه‏,‏ لأن هذا التقييد جاء لحماية حقوق الإنسان‏.‏

ونستخلص في ضوء المناقشات والآراء المختلفة التي دارت حول تجريم الدعوة إلي كراهية الدين مجموعة من المبادئ أهمها‏:‏
‏(1)‏ التأكيد علي العلاقة بين حرية التعبير والحرية الدينية وأن الحرية الدينية تعتمد علي حرية التعبير عن العقيدة الدينية‏,‏ وأن عناصر‏(‏ التعبير‏)‏ تتجسد في إظهار الدين‏.‏ وأن أية محاولة لتحليل العلاقة بين التعبير والدين يجب أن تضع في الاعتبار من يكتب التاريخ ولمن يكتبه‏,‏ وأنه لا يجوز عند التأريخ الاعتماد علي مصادر معينة دون غيرها‏.‏

(2)‏ تعتمد كل من الحريتين علي درجة من التسامح والاحترام المتبادل والتنوع الذي يكمن في الوجود الإنساني الذي يتضمن من لا يؤمنون بالأديان‏.‏

(3)‏ إن المناقشة حول الكراهية الدينية دلت علي أن التعبير الذي استخدم للتدليل عليه ينصرف إلي عدم احترام المقدسات‏,‏ وأنه يجب قراءة نصوص حقوق الإنسان معا‏,‏ واضعين في الاعتبار مبدأ المساواة وعدم التمييز‏.‏ ويجب أن تظل القيود الواردة علي ممارسة الدين أو التعبير علي سبيل الاستثناء وليست علي سبيل القاعدة‏.‏

(4)‏ إن فكرة الحض علي الكراهة تقترب من فكرة‏(‏ التحريض العام‏),‏ وأن اصطلاح‏(‏ الكراهية‏)‏ لا يعني عدم القبول‏,‏ بل يعني درجة كبيرة من الازدراء‏.‏ وبالمقارنة بأفكار عدم التمييز والعنف والعداوة‏,‏ فإن الكراهية تفتح الباب إلي أكثر من تفسير وتحمل فكرة العداء‏.‏

(5)‏ ان تجريم فعل الدعوة إلي كراهية الدين المشار إليه في المادة‏2/20‏ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا يجوز أن يتم في غيبة عن توافر عنصر النية لدي مرتكب الجريمة‏.‏

(6)‏ التأكيد علي وجوب احترام النقد البناء‏,‏ واعتبار التنوع الديني جزءا من التراث المشترك للإنسانية‏.‏

(7)‏ إذا كانت الحرية الدينية لم تكفل حماية الأديان في ذاتها‏,‏ فإنه لا يمكن حماية الرموز الدينية من السب أو الإساءة في نطاق حماية الحرية الدينية‏.‏ وإنما يجب اعتبار النقد أو التعليق المبني علي التمييز أو الإهانة أو السخرية من الدين‏,‏ تجاوزا للحق في الحرية الدينية طالما أدت هذه الأعمال إلي التأثير بطريقة سلبية في مختلف مظاهر الحرية الدينية للمؤمنين بالأديان‏.‏

وقد لوحظ أنه مع إضفاء الطابع العلماني علي بعض المجتمعات تقلص عدد العقوبات المقررة ضد الدعوة إلي الكراهية الدينية‏,‏ خاصة العقوبة الجنائية التي كانت مقررة ضد الإلحاد‏.‏ فقد بدأت تتلاشي‏.‏ فألغيت في فرنسا عام‏.1791‏ كما أن المحكمة العليا الأمريكية سنة‏1897‏ بعد أن اعتبرت التعديل الأول الذي قرر حرية التعبير لا يحمي أعمال الإلحاد في مواجهة أي دين‏,‏ مقررة دستورية الجزاء الجنائي ضد الإلحاد‏,‏ فإنها بعد ذلك تطور قضاؤها وقضت بعدم دستورية توقيع عقوبة جنائية عن أعمال الإلحاد‏.‏

وفي ايطاليا واليونان قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية تجريم اتهام إنسان ينتمي لمذهب ديني معين بـ‏(‏ اهانة أحد القديسين أو العذراء‏),‏ مع اعتبار تجريم الكفر بالذات الإلهية عملا دستوريا‏.‏ وقد راعي قانون العقوبات الألماني الربط بين تجريم الإساءة إلي الدين‏,‏ والأمن العام أو السلام العام‏,‏ فنصت المادة‏166‏ عقوبات ألماني علي أن سب العقيدة الدينية أو الفلسفية لا يقع تحت طائل العقاب إلا إذا كان يؤدي إلي زعزعة السلام العام‏.‏ وهـو ما نصت عليه كذلك المادة‏251‏ من قانون العقوبات البرتغالي‏.‏

وقد استند قانون العقوبات المصري في تجريم الإساءة إلي الأديان إلي الإضرار بأمن الدولة من جهة الداخل عندما عاقب في المادة‏98(‏ و‏)‏ بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه‏,‏ ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخري لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف الدينية المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية‏.‏

وواضح من هذا التجريم أن ارتباطه بالإساءة إلي الأديان يأتي من استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف الدينية المنتمية إليها‏.‏ كل ذلك بالإضافة إلي اتساع التجريم للإضرار بالوحدة الوطنية‏.‏ كما اعتمد التجريم علي الإضرار بالمصلحة العمومية في الجرائم المنصوص عليها في المادتين‏160‏ و‏161‏ عقوبات‏.‏ ويبدو علاقة هذا التجريم بالحرية الدينية في المادة‏160‏ عقوبات لتأسيسه علي التشويش علي إقامة الشعائر الدينية أو الاحتفالات الدينية الخاصة بها أو تعطيلها بالعنف أو التهديد‏,‏ وكذلك تخريب أو تكسير أو إتلاف أو تدنيس مبان معدة لإقامة شعائر دين أو رموز أو أشياء أخري لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس‏.‏

ونلاحظ ضعف العقوبة المالية الاختيارية المنصوص عليها في هذه المادة‏,‏ إذ تمثلت في غرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد علي خمسمائة كعقوبة اختيارية مع الحبس‏,‏ مما لا يعتبر متناسبا مع هذه العقوبة‏.‏ وتبدو الحماية الجنائية للحرية الدينية في المادة‏161‏ عقوبات التي عاقبت كل تعد يقع بإحدي الطرق المبينة بالمادة‏171‏ من هذا القانون‏(‏ والخاص بوسائل العلانية‏)‏ علي أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علنا‏.‏ وتعتبر من الجرائم الماسة بالمصلحة العامة‏.‏

(‏ثالثا‏):‏ الأثر القانوني للانتماء الديني للدولة علي التوازن بين حرية التعبير والحرية الدينية‏:‏

ترسي بعض الدساتير في الدول الديمقراطية انتماء دينيا للدولة‏.‏ ومن قبيل ذلك الدستور اليوناني فقد نص فـي المادة‏1/3‏ علي أن الديانة السائدة في اليونان هي ديانة الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية للمسيح‏,‏ أما الدستور النرويجـي فقـد نص فـي مادتـه الثانية علـي أن الديانـة الإنجيلية اللوثرية هي الديانة الرسمية للدولة‏.‏ ونص الدستور المصري في المادة‏(2)‏ منه علي أن الإسلام دين الدولة‏.‏ وأخذت بذلك بعض الدساتير العربية‏(‏ دستور الامارات العربية المتحدة في المادة‏7,‏ ودستور البحرين في المادة‏2,‏ ودستور الصومال في المادة‏3/1,‏ والدستور الكويتي في المادة‏2,‏ والدستور العماني في المادة الأولي‏,‏ والدستور القطري في المادة الأولـي‏,‏ والدستور العراقي في المادة‏2(‏ أولا‏).‏

فما مدي تأثير الانتماء الديني للدولة علي التوازن بين حرية التعبير وحرية العقيدة الدينية ؟‏.‏

لقد ذهب الفقه في اليونان إلي أن الانتماء الديني المنصوص عليه في الدستور هو مجرد إعلان عن الديانة السائدة دون أي آثار قانونية تبرر وضع قيود علي حرية التعبير من أجل إعطاء تفوق للديانة السائدة‏,‏ وذلك لأن الدستور اليوناني قد كفل بوضوح لكل فرد الحرية الدينية بالمعني الواسع أي حرية الاعتقاد الديني‏(‏ المادة‏1/13‏ من الدستور‏)‏ وحرية إعطاء الطائفة الدينية ممارسة شعائرها دون عائق‏(‏ المادة‏1/13‏ من الدستور‏).‏

وبالنسبة إلي الدستور المصري‏,‏ فإن النص علي الديانة الرسمية للدولة في المادة‏(2)‏ منه يكمله نص المادة‏46‏ التي نصت علي حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية‏.‏ وقد أكدت المحكمة العليا أن المشرع قد التزم في جميع الدساتير المصرية مبدأ حرية العقيدة‏,‏ وحرية إقامة الشعائر الدينية باعتبارهما من الأصول الدستورية الثابتة المستقرة في كل بلد متحضر‏,‏ فلكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التي يطمئن إليها ضميره‏,‏ وتسكن إليها نفسه‏,‏ ولا سبيل لأي سلطة عليه فيما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه‏.‏

وعلي أية حال‏,‏ فإن النص الدستوري علي ديانة رسمية للدولة لا يبدو مؤثرا في حرية التعبير إلا في المدارس العامة المملوكة للدولة حيث تكفل الدولة بحسب الأصل تدريس ديانتها الرسمية‏,‏ دون إخلال بحرية من يعتقدون بديانات أخري في تلقي تعاليم ديانتهم والتزام الدولة بتمكينهم من ذلك وفقا لمبدأ حرية العقيدة ومبدأ اعتبار التربية الدينية مادة أساسية في مناهج التعليم العام‏(‏ المادة‏9‏ من الدستور‏),‏ وطبقا لمبدأ المواطنة الذي تقوم عليه الدولة طبقا للمادة الأولي للدستور‏,‏ ومبدأ المساواة الذي كفلته المادة‏(40)‏ من الدستور‏.‏

وطبقا لمبدأ حرية العقيدة الذي كفلته المادة‏46‏ من الدستور‏,‏ فإنه لا تأثير للديانة الرسمية للدولة علي التمتع بسائر الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور‏.‏ هذا دون إخلال بحق الدولة في إقامة الاحتفالات الرسمية الدينية المتعلقة بالإسلام واعتبار الأعياد الدينية عطلة رسمية‏.‏ومع ذلك فقد راعت الحكومة اعتبار عيد الأقباط في يناير من كل عام عطلة رسمية مراعاة للشعور الديني لطائفة الأقباط‏.‏ كما عني المسئولون الرسميون في الحكومة بمشاركة الأقباط في الاحتفال بعيدهم‏.‏

وتجدر الإشارة في هذا المقام إلي مغزي نص المادة‏2‏ من الدستور المصري علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع‏.‏ وفي هذا المعني نص دستور الامارات العربية المتحدة علي أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع في الاتحاد‏(‏ المادة‏7),‏ ونص الدستور البحريني علي أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع‏(‏ المادة‏2),‏ ونص الدستور السوداني علي أن تكون الشريعة الإسلامية والإجماع مصدرا للتشريعات التي تسن علي المستوي القومي وتطبق علي ولايات شمال السودان‏(‏ المادة‏1/5),‏ ونص الدستور السوري علي أن الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع‏(‏ المادة‏1/3),‏ ونص الدستور العماني علي أن الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع‏(‏ المادة الأولي‏),‏ ونص الدستور القطري علي أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها‏(‏ المادة الأولي‏),‏ ونص الدستور العراقي علي أنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام‏(‏ المادة‏2‏ أولا‏).‏

علي أنه إذا كانت الشريعة الإسلامية لها طابع ديني لاشك فيه‏,‏ باعتبارها جوهر الدين الإسلامي‏,‏ إلا أنها تستقل عن الطابع العقائدي الديني الأصيل في أنها نظام تشريعي‏.‏ ولهذا كان من المتصور أن تطبق الشريعة الإسلامية في مجتمع غير إسلامي‏,‏ أو في المجتمع الإسلامي علي غير المسلمين من أفراده‏,‏ وعلي الأجانب الذين يوجدون علي أرضه‏,‏ بالنظر إلي طابعها الحضاري وسندها المنطقي وقيمها الاجتماعية دون إخلال بمبدأ حرية العقيدة الدينية‏.‏ وتأكيدا للطابع التشريعي للشريعة الإسلامية عنيت المحكمة الدستورية العليا بتحديد المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية‏,‏ بأنها الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها‏,‏ باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا‏,‏ ومن غير المتصور أن يتغير مفهومها بتغير الزمان والمكان‏(‏ دستورية عليا في‏2004/12/19‏ القضية رقم‏119‏ لسنة‏21‏ قضائية‏’‏ دستورية‏’,‏ ج‏1/11’‏ دستورية‏’‏ ص‏1143).‏

أما الاجتهاد فتنحصر دائرته في الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معا‏(‏ دستورية عليا في‏3‏ مايو سنة‏1995‏ القضية رقم‏18‏ لسنة‏14‏ قضائية‏’‏ دستورية‏’,‏ ج‏8’‏ دستورية‏’‏ ص‏611).‏ ولما كانت مبادئ الشريعة الإسلامية نظاما تشريعيا رغم طابعها الديني‏,‏ فإن تناولها بالتفسير يدخل في نطاق حرية التعبير بوجه عام وليس في نطاق حرية التعبير الديني‏,‏ أو حرية العقيدة الدينية‏.‏ وغني عن البيان أن اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع لا يخل بواجب الدولة في كفالة حرية العقيدة الدينية بالنسبة إلي العقائد الدينية الأخري‏.‏

21 ماي 2009

العلاقة بين حرية التعبير وحرية العقيدة‏(1)‏

Posted in النهج المستقبلى tagged , , , , , , , , , في 5:41 ص بواسطة bahlmbyom

قضايا و اراء

44725 ‏السنة 133-العدد 2009 مايو 20 ‏25 من جمادى الاولى 1430 هـ الأربعاء
http://www.ahram.org.eg/archive/Index.asp?CurFN=opin1.htm&DID=9953

العلاقة بين حرية التعبير وحرية العقيدة‏(1)‏
بقلم‏:‏ د‏.‏ أحمد فتحي سرور
رئيس مجلس الشعب

تكفل الدساتير المختلفة حرية التعبير وحرية العقيدة‏.‏ وقد درجت معظمها علي النص علي كل منهما في مادة مستقلة عن الأخري‏.‏ مثال ذلك الدستور المصري الذي نص علي حرية التعبير في المادة‏47‏ ونص علي حرية العقيدة في المادة‏.46‏ والدستور الألماني الذي نص علي حرية التعبير في المادة الخامسة‏,‏ ونص علي حرية العقيدة في المادة الرابعة‏,‏ والدستور اليوناني الذي نص علي حرية التعبير في المادة‏14‏ منه وعلي حرية العقيدة في المادة‏13‏ منه‏,‏ والدستور النرويجي الذي نص علي حرية التعبير في المادة العاشرة منه‏,‏ ونص علي حرية العقيدة في المادة الثانية من الدستور‏,‏ والدستور البولندي الذي نص علي حرية التعبير في المادة‏54‏ منه ونص علي حرية العقيدة في المادة‏25‏ منه‏,‏ بينما عني الدستور الفيدرالي السويسري علي النص علي حرية العقيدة في المادة‏15‏ منه‏,‏ ونص منذ تعديله المعمول به في أول يناير سنة‏2000‏ علي حرية التعبير في عدد من النصوص وفقا لأشكال التعبير المختلفة‏(‏ المواد من‏16‏ إلي‏21).‏

وتتيح حرية التعبير لصاحب العقيدة الدينية أن يعبر عن عقيدته‏(‏ التي يؤمن بها‏).‏ وتعتبر حرية التعبير عن الرأي بمثابة الحرية الأصل التي يتفرع عنها الكثير من الحريات‏,‏ بل تعد المدخل الحقيقي لممارسة الحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها من الحقوق ممارسة جدية‏,‏ كحق النقد وحرية الصحافة والطباعة والنشر وحرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي‏,‏ وحق الاجتماع للتشاور وتبادل الآراء‏,‏ وحق مخاطبة السلطات العامة‏.‏

وتعتبر حرية التعبير في ذاتها قيمة عليا‏.‏ ولا غرو فهي القاعدة في كل تنظيم ديمقراطي‏,‏ لا يقوم إلا بها إلا أن هذه الحرية كغيرها من الحريات العامة ليست مطلقة لا حدود لها‏,‏ فممارستها لا يجوز أن تكون من خلال التضحية بغيرها من الحريات العامة‏,‏ وذلك باعتبار أن تنظيم ممارسة حرية التعبير أو غيرها من الحريات العامة لا تكون في إطارها المشروع إلا إذا لم تضر بالغير أو بالمجتمع فالدستور لا يعرف أي تدرج بين الحريات العامة التي يحميها‏,‏ ولا يتصور وجود تنازع بين هذه الحريات في نصوص الدستور‏,‏ فأي تنازع ظاهري في هذا الشأن يجد حله من خلال التفسير القائم علي وحدة النظام الدستوري ووحدة الجماعة‏.‏ وفي هذا الصدد أوضحت المحكمة الدستورية العليا أن ما نص عليه الدستور في المادة‏7‏ من قيام المجتمع علي أساس من التضامن الاجتماعي‏,‏ يعني وحدة الجماعة في بنيانها‏,‏ وتداخل مصالحها لا تصادمها‏,‏ وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها‏,‏ وأنه لا يجوز لفريق من المجتمع أن ينال من الحقوق قدرا منها يكون بها عدوانا‏_‏ أكثر علوا‏,‏ بل يتعين أن تتضافر جهود أفراد الجماعة لتكون لهم الفرص ذاتها‏,‏ التي تقيم لمجتمعاتهم بنيان الحق‏,‏ ولا تخل‏,‏ في الوقت ذاته‏_‏ بتلك الحقوق التي كفلها الدستور فجميع الحريات العامة يجب ممارستها بكل مسئولية‏.‏

ويبدو الاعتماد المتبادل بين حرية التعبير وحرية العقيدة‏,‏ في أن جوهر حرية العقيدة يكمن في اختيار العقيدة وممارستها بغير إكراه‏.‏ وبدون حرية الإعلان عن الانتماء إلي عقيدة ما‏,‏ فإن القدرة علي اتباع تعاليم العقيدة المختارة ونقلها من جيل إلي جيل تبدو ناقصة‏.‏ وهو ما يوضح أن حرية التعبير وحرية العقيدة ليستا متناقضتين أو متضادتين‏.‏ بل إن حرية التعبير هي التي تكفل الدفاع ضد أعداء التنوع في الثقافات‏.‏ وهذا التنوع ينبع من الاختلاف في التفكير الديني‏,‏ وكلاهما من خلال حرية التعبير يفتح المجال أمام إعلاء التجانس في التفاعل الاجتماعي والثقافي‏.‏

حرية التعبير في مواجهة حرية العقيدة الدينية‏:‏
تتيح حرية التعبير لكل فرد التعبير بحرية عن آرائه‏.‏ ولهذه الحرية بعدان‏:‏ بعد شخصي وآخر اجتماعي‏.‏ ويتمثل البعد الشخصي في أنه يتيح للفرد استكمال شخصيته من خلال التعبير عن نفسه‏.‏ هذا بخلاف البعد الاجتماعي في أنه يتيح للفرد المشاركة في المسئولية داخل المجتمع‏,‏ ولهذا اعتبرت هذه الحرية إحدي الدعائم الأساسية للنظام الديمقراطي‏.‏ وقد عبرت عن ذلك المحكمة الدستورية العليا في قولها بأن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثرا في مجال اتصالها بالشئون العامة‏,‏ وعرض أوضاعها‏,‏ وأن الدستور أراد لضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها علي مظاهر الحياة في أعماق منابتها‏.‏

وتفرض حرية العقيدة الدينية أن تلقي الاحترام من الآخرين الذين لا ينتمون إلي ذات العقيدة‏.‏ ومن هذا المنطلق تتمتع حرية العقيدة بذات البعدين‏:‏ البعد الشخصي والبعد الاجتماعي‏.‏ ويشكل البعد الشخصي عنصر الاختيار فيمن يعتنق العقيدة حتي يستكمل شخصيته الإنسانية‏.‏ أما البعد الاجتماعي فإنه يبدو في ذلك القدر من التسامح الذي يجب أن تحظي به ممارسة هذه الحرية داخل المجتمع‏.‏ ومن ذلك حرية المؤسسات الدينية‏(‏ كالمسجد والكنيسة‏)‏ داخل المجتمع في ممارستها‏,‏ وحرية الفرد في إظهار دينه أو معتقده والتعبد وإقامة الشعائر والممارسة مع جماعة‏,‏ وأمام الملأ‏(‏ المادة‏1/18‏ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‏).‏ إلا أن البعد الاجتماعي في كل من حرية التعبير وحرية العقيدة الدينية يثير مشكلة تتعلق بنطاق ممارسة حرية التعبير فيما يتعلق بمدي إمكان أن تتوغل هذه الممارسة في الحرية الدينية فتحدث مساسا بها‏.‏ فقد نشأت علاقة بالغة الحساسية بين الحريتين عندما ظهرت آراء معادية أو ناقدة للدين في بعض صور التعبير أبداها البعض تحت ستار حرية التعبير‏.‏ وقد تجلي ذلك في السنوات الأخيرة من خلال بعض الكتابات أو الرسوم الكاريكاتيرية أو الأقلام التي تسئ إلي الدين‏.‏ وقد ألقت هذه المواجهة بين الحريتين بالمسئولية علي القانون لإيجاد الحلول لها‏.‏

وقد أثار ذلك ثلاث إشكاليات علي النحو التالي‏:‏
‏(‏أولا‏):‏ إشكالية حل التنازع الظاهري بين حرية التعبير وحرية العقيدة الدينية‏:‏

تبدو هذه الإشكالية فيما إذا كان التنازع أو الصراع بين الحريتين يتم بتغليب إحداهما علي الأخري‏.‏ ولاشك أنه لا يوجد تدرج بين الحريتين‏,‏ بل يوجد اعتماد متبادل بينهما‏,‏ فلا سيادة لحرية منهما علي الأخري‏,‏ وإنما يتعين التوفيق بينهما دون إخلال بجوهر كل منهما‏.‏ فهذا التوفيق هو ركن أساسي للحكم الرشيد للتنوع الثقافي المبني علي اختلاف العقائد الدينية‏,‏ وأداة بالغة الأهمية لمنع الصراع بين الحريتين وبناء السلام بينهما‏.‏ وقد زاد هذا التوتر عند ممارسة حرية التعبير الفني بمناسبة نشر الروايات الأدبية أو عرض الأفلام أو نشر بعض المطبوعات أو عرض رسوم كاريكاتيرية‏.‏ وهنا يلاحظ أنه علي الرغم من أن بعض الدساتير أقرت حرية الإبداع الأدبي والفني والثقافي‏(‏ مثال ذلك الدستور المصري في المادة‏49,‏ والدستور الألماني في المادة‏3/5),‏ فإن هذه الحرية لا توفر حماية أكثر من حرية التعبير بصفة عامة‏.‏ وعلي ذلك‏,‏ فإن حرية الإبداع الفني لا يجوز أن تتناقض مع حرية العقيدة الدينية‏,‏ مما لايجوز معه للفنان أن يتمتع بحرية في المناورة تحت ستار الإبداع الأدبي والفني والثقافي لكي يعتدي علي حرية الاعتقاد الديني‏.‏

هذا وقد عني التعديل الدستوري الصادر في‏29‏ مارس سنة‏2007‏ بأن يضع حدا للخلط بين المشاركة السياسية والحرية الدينية‏.‏ ولما كانت الأحزاب السياسية والأنشطة السياسية ليست إلا تعبيرا عن الآراء السياسية‏,‏ فقد عني الدستور المصري بالنص في المادة‏3/5‏ منه بعد تعديلها في‏29‏ مارس سنة‏2007‏ علي أنه لا تجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أية مرجعية دينية أو أساس ديني‏,‏ أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل‏.‏ وقد أكد هذا التعديل الدستوري علي الحرية الدينية من حيث عدم جواز تأثير ممارستها علي من يريد المشاركة السياسية‏,‏ ولا أن تكون أساسا للاختيار السياسي‏,‏ نظرا للفرق بين الحرية الدينية وحرية المشاركة السياسية‏.‏ فالأولي عقائدية بحتة تمثل إيمانا فرديا بالذات الإلهية وترتبط بشخص الإنسان‏,‏ والثانية إحدي وظائف الحكم التي يشارك فيها الأفراد وفقا للنظام الديمقراطي‏.‏ وقد تكون هذه المشاركة من خلال الأحزاب السياسية أو من خلال الجمعيات في حدود أنشطتها أو من خلال ممارسة حق الاجتماع في حدود القانون‏.‏ هذا بجانب أن الحرية الدينية لا يجوز أن تصبح أساسا للسيطرة السياسية لدين معين‏.‏

ولابد أن نشير ابتداء إلي الدور الأساسي الذي تؤديه حرية التعبير في النظام الدولي لحقوق الإنسان‏,‏ إيمانا بأن المآسي الإنسانية‏-‏ بما في ذلك الإبادة الجماعية‏-‏ تتطلب سيطرة عليها من خلال حرية التعبير لكشفها وإدانتها‏.‏ وإن الالتزام بجميع حقوق الإنسان والتأكيد علي اعتماد كل منها علي الآخر حقيقة واقعة وليس مجرد خيار سياسي‏.‏ وحرية التعبير هي أفضل دفاع ضد أعداء التنوع‏.‏ فهذه الحرية يمكن تربية الآخرين وفقا لتقاليدهم الثقافية‏,‏ وتعليمهم مختلف الثقافات حتي يمكن التغلب علي أفكار عدم التسامح وعدم التمييز‏.‏

ومع ذلك‏,‏ فإنه يتعين استيعاب ما نصت عليه المادة‏19‏ في فقرتها الثالثة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من أن هذه الحرية تلقي بواجبات ومسئوليات خاصة‏,‏ مما يجوز معه إخضاعها لبعض القيود بشرط أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية‏:(‏ أ‏)‏ لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم‏.(‏ ب‏)‏ لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة‏.‏ كما أكدت المادة‏2/20‏ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ضرورة الحيلولة دون التنازع بين حرية التعبير وحرية العقيدة الدينية‏,‏ فيما نصت عليه من أن تحظر بالقانون أية دعوة إلي الكراهية الدينية تشكل حضا علي التمييز أو العداوة أو العنف‏.‏

وقد تباينت تطبيقات هذه المبادئ في مختلف الدول‏:‏
ففي ألمانيا تأكد التعاون بين الدولة والمجتمعات الدينية‏,‏ ورفض إعطاء أية صفة عامة لمجتمع ديني معين تأسيسا علي مبدأ المساواة‏.‏ ولم تمنح المحكمة الدستورية الألمانية الفيدرالية أية أولوية لجماعة معينة تحتل مركز الأغلبية في المجتمع الألماني أو تسهم في ثقافته‏,‏ واستخلصت من الحرية الدينية مبدأ حياد الدولة تجاه الأديان الأخري‏.‏

وفي فرنسا قضي المجلس الدستوري الفرنسي في‏2004/1/19‏ بشأن اتفاقية دستور الاتحاد الأوروبي بأن المادة الأولي من الدستور الفرنسي تنص علي أن فرنسا جمهورية علمانية‏,‏ مما يحول دون قيام قواعد مشتركة تحكم العلاقات بين المجتمعات العامة والأفراد بشأن المعتقدات الدينية‏.‏

وفي أسبانيا أكدت المحكمة الدستورية سنة‏1981(‏ القرار رقم‏6)‏ الوضع الاستراتيجي الذي تحتله حرية التعبير في النظام الدستوري‏,‏ وأن الحرية الدينية تعتبر قيدا علي حرية التعبير‏.‏

وفي ايطاليا رغم أن الدستور الايطالي أكد مبدأ علمانية الدولة‏(‏ المواد‏:2‏ و‏3‏ و‏7‏ و‏8‏ و‏19‏ و‏20),‏ إلا أن هذا المبدأ لا ينطوي علي عدم ضمان الدولة للحرية الدينية‏.‏ فقد جري تطبيق العلمانية في ايطاليا بطريقة مختلفة عما جري في فرنسا‏.‏ ولهذا لم يعرف النظام القانوني الايطالي قانونا مثل قانون الحجاب الصادر في فرنسا‏.‏

وفي اليونان ثارت مشكلة التنازع بين الحريتين بالنسبة إلي البيانات الواجب إدراجها في بطاقة تحقيق الشخصية‏.‏ فقد كان القانون اليوناني الصادر سنة‏1945‏ وحتي‏2000‏ يلزم بإثبات ديانة الشخص في هذه البطاقة‏,‏ وظل الإلزام بإثبات هذا البيان ما يزيد علي نصف قرن بدون جدل حوله فيما يتعلق بمدي مطابقته للدستور الذي كفل حرية التعبير وحرية العقيدة‏,‏ ثم تقرر رفع هذا البيان بمقتضي قرار مشترك من وزيري المالية والنظام العام في‏17‏ يولية سنة‏2000‏

وفي بولندا استقرت المحكمة الدستورية علي أنه في حالة التنازع بين حرية التعبير والحرية الدينية‏,‏ فإنه من المستحيل مقدما إعطاء أي الحريتين أولوية علي الأخري‏.‏ وتلتزم السلطات القضائية بتحليل كل حالة علي حدة‏.‏ فالحرية الدينية ليست إلا أحد أشكال حرية التعبير ويجب تحليلها بالرجوع إلي المبادئ العامة التي تحكم حرية التعبير بالمعني الواسع‏.‏ ويحل التنازع بين الحرية الدينية وحرية التعبير بمراعاة مبدأ التناسب‏.‏ وتتوقف حماية الحرية الدينية علي المبادئ العامة بوصفها إحدي القيم الأساسية للدولة‏.‏

وفي الولايات المتحدة الأمريكية يبدو الوضع مختلفا‏,‏ فقد ساد التحيز لحرية التعبير‏.‏ حيث قضت المحكمة العليا الأمريكية بأنه ليس للدولة مصلحة مشروعة في حماية عقيدة دينية معينة أو حماية كل الأديان‏,‏ وأنه ليس من وظيفة الحكومات معاقبة من يهاجم عقيدة دينية معينة بالنشر كتابة أو من خلال فيلم معين‏.‏

(‏الجزء الثاني غدا‏)‏

20 ماي 2009

مبروك … صـــــــدور أول شهادة ميلاد كمبيوترية للبهائيين مدون فيها امام خانة الديانة شرطة …

Posted in قضايا السلام, مقام الانسان, مصر لكل المصريين, الكوكب الارضى, المبادىء, المجتمع الأنسانى, المحن, المخلوقات, النهج المستقبلى tagged , , , , , في 9:18 ص بواسطة bahlmbyom

bahaiss52009201319

ألف مبروك  اليوم 20-5-2009 يوم لن ينسى … اخيراً التوأم عماد ونانسى أصبحا مواطنين مصريين … وعقبال باقى المواطنين البهائيين فى مصر.

بعد كفاح أستمر خمسة سنوات تم اليوم الحصول على شهادات ميلاد للتوأم عماد ونانسى مدون أمام خانة الديانة ” شرطـــة” بعد الحكم القانونى.

كان الحكم النهائي الذي أصدرته المحكمة في دعوى أقامتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد قضى بإنهاء سياسة تعسفية طبقتها مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية على مدى الأعوام التسعة الماضية، وحرمت بموجبها جميع المصريين البهائيين من الحصول على أي من الوثائق الثبوتية الضرورية ما لم يصرحوا باعتناقهم لواحدة من الديانات الثلاث المعترف بها، وهي الإسلام أو المسيحية أو اليهودية.

يذكر أن الوثائق الثبوتية ـ وخاصة شهادات الميلاد وبطاقات الهوية ـ إلزامية لجميع المصريين، ولا يمكن بدونها الحصول على التعليم أو التوظيف أو الزواج أو تسجيل الأطفال وتطعيمهم ضد الأمراض، أو ممارسة أي من المعاملات اليومية الأساسية كإنشاء حساب مصرفي، أو الحصول على رخصة قيادة، أو تلقي المعاش أو الميراث، أو الدخول في أي تعاملات تجارية.

وينص القرار الوزاري (رقم 520 لسنة 2009) على إدخال فقرة جديدة على اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية الصادر عام 1994. وسيكون على مسئولي مصلحة الأحوال المدنية بموجب التعديل وضغ علامة شرطة (ــ) أمام الخانة المخصصة للديانة في الوثائق الثبوتية الرسمية لجميع المصريين الذين يملكون مستندات تثبت انتماءهم أو انتماء آبائهم إلى معتقدات دينية بخلاف الديانات المعترف بها من الدولة. ويعني التعديل في الواقع أن البهائيين وغيرهم من أتباع الديانات “غير المعترف بها” لن يكون عليهم تسجيل معتقداتهم في الأوراق الثبوتية.

وحثت منظمة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكومة على ضمان ألا تؤدي القواعد الإجرائية التي سيطبقها موظفو مصلحة الأحوال المدنية إلى تأخيرات غير مبررة أو إلى وضع عقبات تعيق قدرة المصريين البهائيين على الحصول على هذه الوثائق الضرورية.

http://eipr.org/press/09/1504.htm

namego

شكراً لكل من ساهم وشارك فى دعم قيم حقوق الإنسان وحقوق المواطنة فى مصرنا … وشكر خاص للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ولفريق العمل القائم بجد وأجتهاد  وقناعة عميقة لإعمال هذه القيم العظيمة وشكر كذلك لمديرها المميز الأستاذ حسام بهجت…. وللمحامى الدؤوب الاستاذ عادل رمضان.

19 ماي 2009

صحيفــــــة المدينة وحقـــــــوف المواطنة..ألا هل يتخذ منها المتعصبون قدوة فى سلوكياتهم ؟؟؟

Posted in قضايا السلام, مقام الانسان, مصر لكل المصريين, نقابة الصحفيين tagged , , , , , , , , في 8:23 ص بواسطة bahlmbyom

9 المواطنة في صحيفـة المدينـة… وهل نطبق روحها فى حياتنا اليوم؟؟؟

http://www.free-syria.com/loadarticle.php?articleid=26004

تمهيـــد :
يقول الدكتور يوسف القرضاوي
قرر فقهاء المذاهب المختلفة جميعاً : أن غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، وهم الذين يعبَّر عنهم في الاصطلاح الفقهي بـ (أهل الذمة) يعدُّون من (أهل دار الإسلام). فهم من (أهل الدار) وإن لم يكونوا من (أهل الملَّة).
وفي اجتهادي: أن كلمة (أهل الدار) هذه تمثِّل مفتاحاً للمشكلة، مشكلة المواطنة، لأن معنى أنهم (أهل الدار) أنهم ليسوا غرباء ولا أجانب، لأن حقيقة معناها: أنهم أهل الوطن، وهل الوطن إلا الدار أو الديار؟
وإذا ثبت أنهم أهل الوطن، فهم (مواطنون) كغيرهم من شركائهم من المسلمين.
وبهذا تحلُّ هذه الإشكالية من داخل الفقه الإسلامي، دون الحاجة إلى استيراد مفهوم المواطنة من سوق الفكر الغربي.
بل أقول: إن الاشتراك في الوطن يفرض نوعاً من الترابط بين المواطنين بعضهم وبعض، يمكن أن نسمِّيه (الأخوة الوطنية) فكلُّ مواطن أخ لمواطنه، وهذه الأخوة توجب له من حقوق المعاونة والمناصرة والتكافل ما يستلزمه معنى (الأخوة) أي الانتماء إلى أسرة واحدة.
والأخوة الوطنية دليلها من القرآن الكريم ، عدة آيات تصرح بالأخوة في الوطن، منها قوله تعالى :

{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء:106]، وأمثالها كثير .
انتهى كلام القرضاوي.

ما هو واقع المسلمين منذ فجر التاريخ حتى هذه الساعة ، وفي كل مكان ، كنت تجد المسلمين مع ( غير المسلمين ) يعيشون في وطن واحد، وأصدق الأمثلة وجود اليهود مع أعظم وأفضل مجتمع بشري عرفتـه الدنيـا وسطره التاريخ البشري ، مجتمع الرسول  في المدينة المنورة … ، الذي ضم بعيد الهجرة مباشرة ، وربما بعد بدر (1500) مسلم (انظر محمد حميد الله ، الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ، ص 65)

و(2000) رجل يهودي ( انظرياسين الغضبان ، مدينة يثرب قبل الإسلام ، ص 103) ، وفيه عددكبير من العرب المشركين يتراوح عددهم من (4- 16) ألف مشرك من العرب ( محمد احمد الرويثي ومصطفى محمد خوجلي . المدينة المنورة ، البيئة والانسان ، ص 257) . في هذا المجتمع الذي آلت رئاسته إلى المسلمين بقيادة رسول الله  ، ولكن كما ترون غير المسلمين فيه أكثر من المسلمين ، وضع أول دستور يعيش على ضوئه المسـلمون مع غير المسلمين في وطــن واحد … ــ ولو أن اليهود احترموا عهودهم في صحيفة المدينة لاستمر وجودهم في المدينة ، وماكان الرسول ليخرجهم لولا نقضهم عهد الصحيفة ـ

جاء في السيرة النبوية : (بعد هجرة الرسول  إلى المدينة، وإقامة قواعد المجتمع الإسلامي، كان من الضروري تنظيم العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أهل المدينة، من أجل توفير الأمن والسلام للناس جميعاً، لذا كانت هذه الوثيقة لتنظيم العلاقة بين المسلمين من جهة، وتنظيمها كذلك مع من جاورهم من القبائل من جهة أخرى، وبما أن قبائل اليهود كانت أكثر القبائل حضوراً في المدينة فقد جاءت أغلب بنود تلك الوثيقة متعلقة بتنظيم العلاقة معهم ) .

ونصيحتي للأخوة الدعــاة تعميـق ثقــافــة الوطن والمواطن والمواطنة ، واستخراج أصولها من كتاب الله وسنة رسوله  ، ونشر هذه الثقافـة لأننا بحاجـة ماسـة إليها اليوم ، ونحن ننظـر  المستقبل ، كما نقول : ونؤكد : ا ، وبعد أن ذقنا مرارة الإقصاء ، نؤكد أننا لاندعو إلى إقصاء مواطن ، أي مواطن عن وطنـه ، أو إنقاصه حقاً من حقوقه …

فقد قبل رسول الله  اليهود مواطنين في المدينة المنورة ، وعقد معهم عهداً عرف باسم ( صحيفة المدينة ) تحدد مالهم وماعليهم ، ولانـجد ميزات للمسلمين على غير المسلمين ،

فحرية الدين للجميع ، ولكل عبادته لله عزوجل – كما يعتقد – والجميع يدافعون عن المدينة المنورة.

هل نتخيل ان هذا هو السلوك المعمول به منذ أكثر من 1400 عام ؟؟؟ واليوم نسعى جاهدين للفرقة بين مواطنى البلد الواحد بحجج واهيـــــــــة ليست لها اى علاقة بصحيح الأديان … فالدين يؤلف بين القلوب ومن خلال تعاليمه السمحـــــــة يعضد الأغلبية الأقلية ويؤازرونهم … فهل تتحلى مجتمعاتنا اليوم يتلك القيم والأخلاقيات ؟؟

سؤال أطرحه علنا نعيد النظر فى سلوكياتنا مع بعضنا البعض… وفاء هندى

18 ماي 2009

هل هناك سمات للتحضر البشرى ؟؟؟

Posted in قضايا السلام, مقام الانسان, الكوكب الارضى, المجتمع الأنسانى, المحن, المخلوقات, المسقبل, النهج المستقبلى, النظام العالمى, الأديان العظيمة, الأضطرابات الراهنة, الافلاس الروحى tagged , , , , , , , , , , , , , في 10:11 ص بواسطة bahlmbyom

images1

من إحدى أكبر وأبرز سمات التحضر البشري اليوم، التي تفتخر بها الإنسانية، هي: التعايش، وحرية التفكير والتعبير لدى الفرد، بغض النظر عن دينه، أو انتمائه الفكري، أو العقائدي، أو القومي، سمات تعد اليوم من أبسط حقوق الإنسان، هذا، فمعرفة وتقييم الدول والبلدان رهن بمدى تحققها لهذا المبدأ السماوي والإنساني، وهذا المبدأ مسطور في ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان..
ومن العجب أن لا نتعظ بكل مايحدث حولنا   فماذا كانت النتيجة غير تدمير البلاد والعباد.
وكلنا قد سمع وذاق وحصد نتيجة إفرازات كلمة التكفير ورمي الآخرين بالكفر، والخروج عن الملة، كلنا رأينا بأم أعيننا ما حصل في بلدنا  جراء شيوع كلمات كانت تخرج من أفواه بعض الناس دون مبالاة أو عدم تصور ما سيؤول إليه الأمر فيما بعد، على أقل تقدير، فكانت النتيجة: القتل، والهتك، وصرف الملايين من الأموال، كميزانية للمستشفيات، ورجال الأمن والعسكر، وهروب السياح، وتعطيل مرافق الحياة، وشل الحياة الاجتماعية، لكثرة الأرامل والأيتام. لم يكن من السهل العمل على حد هذه المذابح، نعت الآخر بالخيانة، والتخوين، فكلتا الكلمتين فيهما استباحة الدم، وهتك الأعراض، واستباحة الحرمات. والسؤال المطروح هنا، ترى: متى نصل إلى مرحلة ننظر فيها إلى الآخر كإنسان له حق التفكير، وإبداء الرأي..؟! متى نستغني عن العقلية البلشفية الثورية، التي لا تبقي ولا تذر..؟! متى نؤمن بالتعايش السلمي معاً..؟! متى نترك العقلية المريبة إزاء المقابل، والنظر إلى جميع الناس كمتهمين..؟! متى نستغني عن النظرية التآمرية..؟! متى نعزم الأمر، ونعترف بالأخطاء..؟! متى نخرج من قيود الماضي، ونستعد لبناء المستقبل سوية..؟! متى نفارق لغة القتل والتهديد..؟! متى نقر بأن هناك غيرنا لهم حق العيش والحياة..؟!!

يقول علماء النفس ان الفرد الصحيح نفسيا هو الشخص الذي يعي دوافع سلوكه،مؤثرا في البيئة من حوله بفاعلية متجددة،فالفرد السليم نفسيا هو الذي يمكنه الاستجابة بطريقة تكيفية حينما تواجهه مواقف حياتية تستدعي ذلك. فالفرد الخالي من المرض النفسي هو الفرد الذي لا تصدر عنه استجابات متنوعة تميل الى العصابية او الذهانية او الانحرافات السلوكية في الشخصية ومنها التطرف في الدين او المذهب او في السياسة او المعتقد او التطرف في الاتجاهات الاجتماعية مثل القبلية والتعصب لها ، والمتصلب يبتعد كل البعد عن تلك ولا يقف تأثير التصلب عند حدود الفشل في العلاقات الاجتماعية بل يترتب عليه ايضا الكثير من القلق والاضطراب النفسي، فهو يقترب من الانحراف نحو المرض العصابي او الذهاني ويبتعد عن السوية،ويقول علماء النفس نحن من خلال خبراتنا في الطفولة نتعلم طرقا ونكتسب عادات لمواجهة وحل المواقف بطرق ثابتة نوعا ما،وهذه الطرق تستمر طوال سنوات الحياة التالية،كما اننا نكوّن ايضا صوراً او توقعات معينة سواء بالنسبة لانفسنا او بالنسبة للاخرين،وهذه الصور والتوقعات تستمر كذلك في سنوات الحياة التالية وكثيرا ما نشعر بان هذه النماذج السلوكية والتوقعات غير ملائمة ولكننا نجد انفسنا غير قادرين على التخلي عنها،ونشعر بان ظروف الواقع ومتطلباته تتطلب سلوكا مختلفا ولكننا نبدو غير قادرين على التعامل بطريقة معينة فيسبب لنا الضيق والحصر والقلق،واذا كان الفشل في المواقف الاجتماعية يؤدي الى القلق،فأن القلق بدوره يؤدي الى تدهور الاتزان والتعامل السوي وبذلك يفقد الانسان المرونة ويميل الى التصلب كرد فعل ،وهو مظهر من مظاهر الاضطراب النفسي.

ان التصلب يقف عقبة كأدء في وجه كل التوافقات الداخلية الفردية او الخارجية مع الاخرين ويكون ذلك بداية الجنوح نحو الانحراف في الشخصية او سوء التوافق او ربما اصعب من ذلك الى العصاب او الذهان ونرى ان التصلب ينعكس في كثير من مظاهر الحياة الاجتماعية خصوصاً،ففي كل مكان وزمان،وفي زمننا الحاضر خصوصا نجد من الناس المتعصبين المتمسكين بآراءهم تمسكاً شديداً،يدافعون عنها دفاعا مستميتا ويكنون العداء لكل انسان يختلف معهم،او لا يشاركهم الايمان بها او يرفضونها باعتبارها اراء متطرفة تدعو الى العنف والقتل والغاء الآخر.

يربط علماء النفس بين التصلب والعدوان والنزعة التسلطية وعدم التسامح من جهة وبين المحبة والفهم وتقبل الذات والآخر من جهة اخرى،حيث ان السمات الاولى هي سمات التوحش والافتراس في السلوك الانساني،بينما السمات الثانية هي سمات التحضر والمدنية،والصراع مازال مستمرا. ولا نغالي اذا قلنا ان التصلب هو مفتاح مهم لفهم الشخصية وتفسير التوافق النفسي والاجتماعي وقبول الآخر  وفهم كثير من الظواهر النفسية المرتبطة بها،حتى عَد علماء النفس ان  درجة تصلب الفرد  هي حقيقة علمية،لذا فأن تعلم المرونة عبر مسيرة الحياة يجعل من الحياة اكثر قدرة على التطور واقل منها في الاتجاه نحو التصلب ،اي الاقتراب الى المرونة مع النفس في التعامل ومع الاخرين(زوجة او ابناء او افراد في المجتمع)،والتصلب في النتيجة صفة عامة للاستجابة  التي تعم كل مظاهر سلوك الفرد في كل المواقف الفردية والاجتماعية. وعملية “التنشئة الاجتماعية في أبسط تعاريفها، تشير إلى العملية التي “تجعل الطفل قادرا على أداء الأدوار التي تميز حياة الراشد، وهي أساليب السلوك المتوقع في مواقف متكررة في الحياة العائلية وفي الحياة المهنية وفي حياة المجتمع المحلي وفي حياة الهيئات والروابط”.
هذه العملية تتم من خلال “إكساب الفرد، سواء كان طفلا أو مراهقا أو راشدا سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق معها، فهي التي تكسبه الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندماج الاجتماعي”.

،،، وهكذا فإن عملية التنشئة الاجتماعية عموما هي عملية:-

– تشكل السلوك الاجتماعي للفرد.
– استخدام ثقافة المجتمع في بناء شخصية الفرد.
– تحويل الكائن البيولوجي إلى كائن اجتماعي.
– فالتنشئة الاجتماعية إذا ي تشكيل السلوك الاجتماعي عند الفرد (سواء أكان سلوكا أخلاقيا أو سياسيا، أم ثقافيا).
وإذا كان هذا التعريف يشير إلى الجانب الأحادي في تناول عملية التشئة الاجتماعية، حيث يختزلها بـ “العمليات التي تساهم في التنشئة الاجتماعية للصغار بإكسابهم الطباع ومظاهر السلوك السائدة في مجتمعهم”، أي يختزلها بعملية تأثير المجتمع بالفرد، ورسم شخصيته، وتحديد سلوكه المتوافق والمنسجم نفسيا واجتماعيا مع جماعته، دون أن يكون للفرد لاحقا دور محدد تجاه المجتمع، فإن هناك اتجاها نظريا آخر يركز على ثنائية عملية التنشئة الاجتماعية بعدها عملية تجادل ثنائية الجانب ما بين المجتمع والفرد. فهي بجانبها الأول، عملية بناء شخصية الفرد من خلال المؤسسات الاجتماعية المختلفة: الأسرة، المدرسة، العمل، المنظمة.. إلخ، وتأهليه اجتماعيا ونفسيا لكي يكون عضوا فاعلا في المجتمع عبر إكسابه التجربة الاجتماعية، من جهة، وفي جانبها الثاني، مساهمة الفرد لاحقا بعد أن يكون قد تأهل اجتماعيا ونفسيا لأداء دوره، عبر نشاطه المنظم اجتماعيا، في عملية تجديد الصلات الاجتماعية والمنظومات الثقافية للمجتمع، أي محاولة الفرد التأثير بالمجتمع عبر تفكيره الإبداعي، وهو نشاط شديد الفعالية، من جهة ثانية.
هذان الاتجاهان النظريان برؤية عملية التنشئة الاجتماعية يفسران عادة باختلاف النظرية الاجتماعية. ولكن، إلى جانب اختلاف النظرية الاجتماعية، فإن طبيعة نمط الحياة السائد في مجتمع من المجتمعات، ببنيته، بتحيزاتها الثقافية والفكرية، وما تحدده من أنماط للعلاقات الاجتماعية تتوافق وتنسجم معها، هو الذي يحدد طبيعة عملية التنشئة الاجتماعية لكونها الأداة الاندماجية لهذا النمط أو ذاك، أحادية كانت أم ثنائية، من خلال ما يحدد من أدوار اجتماعية وثقافية للأفراد ضمن هذا النمط أو ذاك. وبمعنى آخر، فإن عملية التنشئة الاجتماعية أحادية كانت أم ثنائية الجانب تتناسب مع حدود الفعالية التي يتيحها المجتمع لأفراده، وبالتالي، طبيعة العلاقة القائمة ما بين المجتمع والفرد، ضمن هذا النمط أو ذاك.

الصفحة التالية