3 ماي 2023

نظرية المشاعر الأخلاقية

Posted in مقام الانسان, المكاسب المادية, المبادىء, النهج المستقبلى, النجاح, النضج, الأنجازات, الأخلاق, الإيجابية, الافلاس الروحى, التعاون, الجنس البشرى, الجانب الإيجابى, الحقوق والواجبات في 8:31 ص بواسطة bahlmbyom

المشاركة الوجدانية الطبيعية كأساس للفضيلة 

اقتصاد زمان.. الأسكتلندى آدم سميث مؤسس الاقتصاد الكلاسيكى - اليوم السابع

كان سميث فيلسوفًا في الأخلاق، ولم يكن الاقتصاد قد حظي في القرن الثامن عشر بمكانته كعلم منفصل كما أصبح عليه الحال في نهاية القرن التاسع عشر. ولا شك في أنه يوجد الكثير من الكتاب السابقين لسميث والمعاصرين له ممن ألفوا كتيبات حول موضوعات اقتصادية، و قدم بعض هؤلاء المؤلفين إسهامات في علم الاقتصاد، لكن لا يوجد فيهم من قدم بحثًا جامعًا شاملًا يصل إلى درجة ونوع البحث الذي جاء به آدم سميث.

كان علم الاقتصاد السياسي يركز قبل سميث على إثراء الملك والدولة بسبائك الذهب والفضة من أجل تمويل الحروب الخارجية، وعندما نُشر كتاب ثروة الأمم، أُعيد توجيه أنظار الاقتصاد السياسي إلى إثراء المستهلك من الناتج السنوي للأرض والعمل. لم يكن هذا الكتاب كتابًا دراسيًا بل يناقش موضوعًا محددًا، وهو طبيعة الثروة وما يدفعها إلى النمو.

كان سميث يعتقد أن مبادئنا الأخلاقية ليست محددة بدقة إلى هذا الحد، وإنما هي أمر طبيعي متأصل فينا باعتبارنا كائنات اجتماعية، فكلّ منا يشعر بالتعاطف (أو بالمشاركة الوجدانية) مع الآخرين على الفور دون زيف بل تلقائيًا وبحب الخير.

فننظر إلى أنفسنا في مخيلتنا وكأننا في مكان الآخرين، فإذا رأينا بأن أحدهم على وشك الاصطدام فإننا نجفل هلعين إننا نحاول كبح جماح مشاعرنا لجعلها متوازنة مع مشاعر الآخرين.

التعرُّف على المشاعر – أفكار الكتب من أخضر

بالنسبة لسميث فإن أفعالنا تلعب دورًا في إنتاج نظام اجتماعي ناجح، حتى وإن كانت هذه النتيجة لا تتطابق مع الهدف الذي دفعنا إلى القيام بتلك الأفعال. فعلى سبيل المثال، يلاحظ سميث أن تروس الساعة تعمل معا لإظهار الوقت، لكنها لا تعلم بذلك، وإنما تسير وفق نية من صنعها، وعلى نحوٍ مماثل: عندما تعمل أفعالنا الغريزية على تعزيز المجتمع، فإننا قد نعزو ذلك بغرور إلى أحكامنا العقلية، لكننا في الحقيقة يجب أن نعزوها إلى الطبيعة أو إلى الله.

(في مناقشه لهذه الظاهرة المعلقة بالنظام الاجتماعي الذي يعمل بكفاءة، والذي ينتج عن الفعل البشري لا التصميم البشري، لجأ سميث إلى استخدام كلمات مثل الله و الطبيعة والمبدع بالتبادل تقريبًا، لكن شرحه للكيفية التي نحدث بها، من خلال أفعالنا، تناغمًا اجتماعيًا غير مقصود، إنما هو شرح في نطاق المنظومات، لا في نطاق لاهوتي. فهو لا يفترض أو يشترط تدخل ذات إلهية، إذ إن الطبيعة –أو ما ندعوه اليوم بالتطور– يمكنها أن تؤدي إلى النتيجة ذاتها ببراعة).

إن الإنسان مدني بطبعه، ولا يستطيع العيش بمفرده، لذا يعمد إلى الانضمام إلى العيش داخل مجموعات تربط بينها مصالح مشتركة، وكنتيجة للتفاعل الاجتماعي بينه وبين البيئة الاجتماعية تتشكل الصفات النفسية للإنسان، مما ينعكس على مشاعره وأخلاقياته الاجتماعية، هذا المعترك النفسي الاجتماعي بين الصفات النفسية للفرد والعقل الجمعي للبيئة المحيطة يؤثر في النهاية على تشكيل الملامح الأساسية المميزة للشخصية الإنسانية ومشاعرها وطريقة تفاعلها مع الوسط المحيط، فكتاب “نظرية المشاعر الأخلاقية” يعد لونًا من الكتابات النفسية الاجتماعية كمحاولة للنفاذ داخل النفس البشرية وتحليل التأثير المتبادل بين الفرد ومجتمعه.

العدل كأساس:

“إذا لم يقدم الناس يد العون للآخرين عند المقدرة أو عندما يعجزون عن رد الجميل، فحينها ندعوهم بقساة القلوب أو ناكري الجميل، لكننا لا نعاقب الناس لإجبارهم على فعل الخيرات، وإنما تقتصر العقوبة على أفعال تتسبب في ضرر حقيقي أو تهدف إليه. إننا نجبر الناس فقط على الامتثال لقواعد العدل، لأنه لا يمكن الاستمرار في المجتمع دونها”.

إن المقصود بالعدل عند آدم سميث هو دفع الضرر، وليس الوصول بالخير إلى أقصى درجاته.

النقد الذاتي والضمير:

يُعتبر النقد الذاتي مراقبًا محايدًا لنا ولأفعالنا، فتنقسم أنفسنا بين الفاعل و القاضي، إذا حدث زلزال يدمر الصين بأكملها، فسيشعر أي شخص يعيش في أوروبا ببعض الضيق، لكنه لن يكون شيئا يذكر بالمقارنة مع مصيبة يُبتلى بها أشخاص يعرفهم ويشرح هذا بقوله:

“إذا كان المرء يعلم أنه سوف يفقد إصبعًا من أصابعه غدًا، فلن يستطيع النوم هذه الليلة، لكنه سينام هانئًا وبأمان تام على الرغم من الدمار الذي لحق بمئات الملايين من أقرانه ما دام لم يصادف أحدا منهم، وسيبدو هذا الدمار الهائل أمر أقل أهمية بالنسبة له من محنة فقد الأصبع التافهة”.

القواعد الأخلاقية:

“من خلال اتباع الضمير ينتهي بنا الحال –حتمًا ودون قصد– إلى تعزيز السعادة البشرية. وربما تهدف قوانين البشر –بما فيها من ثواب وعقاب– إلى تحقيق النتائج ذاتها. لكنها لا يمكن أن تكون أبدًا منسجمة، أو سريعة، أو فعالة كالضمير وقواعد الأخلاق التي وضعتها الطبيعة”.

يعترف سميث بأن القواعد الأخلاقية تختلف باختلاف الزمان و المكان، إلا إنه يؤكد أن هذه الاختلافات بين الأساليب المتبعة أو العادات تُعتبر اختلافات هامشية حتمًا. وإذا لم يستمر احترام المبادئ الأساسية للطبيعة، فإن المجتمع لن يتمكن من الاستمرار في البقاء.

إن الحرية والطبيعة يمثلان دليلًا أكثر ثقة لخلق مجتمع متناغم يعمل بكفاءة، و ذلك بالمقارنة مع المنطق المتعجرف لأصحاب الرؤى الحماسية والخيالية.

نظرة سميث الأخلاقية:

The Theory Of Moral Sentiments Book كتاب نظرية المشاعر الأخلاقية | eBay

تتصف منظومة سميث الأخلاقية بكونها تتمركز حول الذات، شأنها في ذلك شأن منظومته الاقتصادية، فنحن ننفع الآخرين كناتج ثانوي لطموحنا، ونمتنع عن التسبب بإلحاق الضرر لهم تفاديًا لما ينتج عن ازدرائهم لنا من الشعور بالتعاسة.

3 أفريل 2023

دور المرأة فى النهوض بالحضارة الإنسانية

Posted in النهج المستقبلى في 9:40 ص بواسطة bahlmbyom

بقلم وفاء هندى

بمناسبة يوم المرأة العالمى أجد ان المرأة قد حققت الكثير من الخطوات الإيجابية فى معظم بلدان العالم ولكن مازلت أشعر بالحزن والمرارة لما يحدث فى بعض البلاد من إقصاء للمرأة  وتعرضهن لمزيد من التضييق والخناق بعد أن حٌظِر عليهم العمل بل التعليم فأجدها جريمة كبرى فى حق الإنسانية، فهذا يعنى منع نصف البشرية من التقدم والنجاح فيصبح كائناً معطلاً عن اكتساب المهارات والعلوم وفى معزل عن التطور الحضارى.

ففي الوقت الذي يتوجب فيه على النّساء أن ينميّن قدراتهنّ ويتقدمنّ للقيام بدور فاعل في حلّ مشاكل العالـــم، نشاهد مدى القهر الذى تتعرض له المرأة بل الإنسانية فى هذا الجانب من العالم . لقد حقّقت النّساء قدرًا عظيمًا في المجالات ذات التّأثيرالإيجابى فى المجتمع فعندما تعمل النساء مع الرجال كشركاء متساويين، وعندما يقدّم الرجال دعمهم الكامل لهذه العملية مرحّبين بالنّساء في كافّة مجالات المساعي الإنسانيّة سيتمكّن الرّجال والنّساء معًا من المساهمة في خلق بيئة أخلاقيّة ونفسيّة يمكن أن يظهر فيها السّلام وتتقدّم وتزدهر فيها حضارة مستدامة.                                                                                          إنّ التحوّل المطلوب لتحقيق المساواة الحقيقيّة سيكون بلا شك صعبًا لكلّ من الرّجل والمرأة لأن كلّيهما يجب أن يعيد تقييم ما هو المألوف، وما هو الروتين و يجب وضع اللوم جانبًا حيث لا يمكن لوم أيّ شخص لأنّه تمّ تشكيل شخصيته بتأثير القــــــــــوى الاجتماعيّة والتاريخيّة، ويجب نبذ الشّعور بالذّنب لصالح الشعور بالمسؤوليّة نحو النمو. أمّا التغيير فهو عملية من التطور تتطلّب صبرًا ذاتيًّا ومع الآخرين وتعليمًا بالمحبّة وسيصبح التحــــــــــــــــوّل أكثر يُسرًا عندما يدرك الرّجـــــــــــال أنّه لن يـــــكون بإمــــــــــكانهم تحقيق قدراتهم وقابلياتهم الكاملة ما لم تتمكّن النساء من تحقيق قدراتهنّ. وفي الواقــــــــــــــــع عندما يعزز ويــــــــــروج الرّجال بفاعلية مبدأ المساواة فلن يكون هناك ما يدعو النساء للنّضال من أجل حقوقهن، وسيتخلّى الرّجـــال والنّســــــــــــــــاء تدريجيًا عن المواقف الغير بناءة التي تمسّكوا بها لزمن طويل ويدخلوا فى حياتهم القيم المؤدّية لتحقيق الاتّحاد الحقيقي .

علينا ان نلتزم بالتغيير والتحوُّل الاجتماعي المتطوّر للقيم الإنسانية الأساسيّة حتى في مناطق العالم التي تفرض فيها التّقاليد الثّقـــــــــــــــافيّة عقبات على طريق تقدّم المرأة. إنّ التغيير الذي تبقى آثاره يأتي من خلال التعاون البنّاء والتكامل بين الرّجال والنّساء وليس من خــــلال المواجهة  او التنافس بينهما.

إِنَّ قضيّة تمكين المرأة، أي تحقيق المُساواة الكاملة بين الجنسَيْن هي مطلبٌ مُهِمٌّ من مُتطلبات السّلام رغم أَنَّ الاعتراف بحقيقة ذلك لا يزال على نطاقٍ ضيِّق.  إٍنَّ إنكار مثل هذه المساواة يُنزل الظّلم بنصف سكّان العالم ويُنمِّي في الرّجل اتِّجاهات وعادات مؤذية تنتقل من محيط العائلة إلى محيط العمل، إلى محيط الحياة السّياسيّة، وفي نهاية الأَمر إلى ميدان العلاقات الدّوليّة.  فليس هناك أي أَساسٍ خُلُقِيّ أو عمليّ أو بيولوجيّ يمكن أن يبرّر مثل هذا الإنكار، ولن يستقرّ المناخ الخٌلقيّ والنّفسيّ الذي سوف يتسنَّى للسّلام العالميّ النُّموُّ فيه، إلاّ عندما تَدْخُل المرأة بكلّ تَرحاب  إلى سائر ميادين النّشاط الإنسانيّ كشريكةٍ كاملةٍ للرّجل.                                                                                                                                     إن وضع المرأة في المرتبة الأدنى في كثير من المجالات هو نتيجة مجموعة متداخلة ومعقدة من القوانين، والمواقـــــــف، والترتيبات والاجــــــــــــراءات المؤسسية، والهياكل الأقتصادية، وصمتْ القانون.

وهناك بعض الأقتراحات التى أجدها ذو تأثير إيجابي على وضع المرأة ً والرجل معاً ومن ثم المجتمع مثل:

تشجيع البحث عن الحقيقة باستقلالية دون التأثر بالعائلة أو المجتمع أو الدولة. فعلى المرأة ان تسلك الأسلوب الحرّ والبحث باستقلالية بدون وضع عراقيل امامها لكى تستطيع أن تكسّر القيود البالية من أنماط تقليدية وتصل بالنتيجة إلى الوحدة في الفهم والعمل.

– التركيز على مسؤولية النساء في تحصيل التعليم والتمكين في ميدان الفنون والعلوم فيبرهنًّ بإنجازاتهنّ أن قدراتهنًّ إنما كانت مكنونة. وأن مشاركتهن بروح من الخدمة تجاه الاحتياجات الملحة للبشرية في الوقت الحاضريثبت  قدرتهنَّ في ترسيخ الاعتراف بالمساواة في مجالي الحياة الاقتصـــــــــــــادية والاجتمـــــــــــاعية.     

– إن تأكيد مبدأ المساواة في الحقوق لا يعني بالضرورة أنه يجب على الرجل والمرأة ممارسة الوظائف نفسها فهناك اختلاف في الميزات والقدرات بينهما، من حضور عقلي، فطرة، مميزات إنسانية مثل الحب والخدمة وجميعها متواجدة في المرأة على نحوٍّ قـــــــوي، ولإستمرارية تقدم البشرية يتطلّب ذلك  التركيز على هذه الميزات وتحقيق توازن أفضل بين القوى المادية والروحانية.

– يجب الوعي بعظمة أهمية مساهمة المرأة كأم ومعلمة لأطفالها. المرأة حاضنة للطفل منذ الولادة، فإذا كانت قاصرة، يصبح طفلها بالتالي غير مؤهّل للمهارة، لذلك قصور حال المرأة يأتي بقصور حالة البشر لأن المرأة هي التي تربّي وتحنو على طفلها وتأخذ بساعده حتى مرحلة النضج.

            – التركيز على الدور المساعد الذي تلعبه المرأة في خدمة الإنسانية كصانعة للسلام فالمرأة بطبعها تميل إلى الســــلام أكثر من الرجل وتستصعب الاستجابة لشن الحرب، فهي تشارك في المجالات الانسانية، وتحصل على حق ممارسة الإنتخـــــــــــــــاب، وتستطيع بهذا الحق أن توجّه دفّة الانسانية تجاه السلام.

– تعليم كل فرد لإدراك حقيقة أن الإنسانية وحدة عضوية وأن مصلحة أي جزء يعتمد على مصلحة الكل. فاستمرار اتّخــاد المرأة مكانة دانية دون التمتع بحق المساواة مع الرجل يجعل الرجل كذلك غير قادر على تحقيق العظمــــــــــــــة المقـــــــــــــدرة له  اذ يعتمد رخاء البشرية على علاقات متساوية وعادلة لخير جميع البشر.

إن الإنسانية كالطائر ذي الجناحين أولهما الذكر والآخر الأنثى، وما لم يكن الجناحان قويين تحركهما قوة واحدة فإن الطير لا يقدر أن يطير نحو السماء. فتبعاً لروح هذا العصر يجب أن تتقدم النساء ليتممن رسالتهن في الحياة، ولهذا يجب أن يتساوين مع الرجال، وأن يتمتعن بحقوق وامتيازات وفرص مساوية لحقوق الرجال وفرصهم وامتيازاتهم. والآن يجب على النساء أن يمضين في التقدم وأن يوسعْن معلوماتهن ويحافظن على كرامتهن ويترقين في الحياة السياسية والمدنية، ويقفن حجر عثرة في سبيل الحرب ويطالبن بحقوق الانتخاب والمساواة في كل الامتيازات التي يتمتع بها الرجال فقد مرَّت البشرية في العصور السالفة بمراحل من النقص والفتور لأنَّها لم تكن كاملة. فالحروب وآثارها قد أصابت العالم بآفاتها. إنَّ تعليم المرأة سوف يكون خطوة جيدة نحو إنهاء الحروب والقضاء عليها ذلك لأنَّ المرأة ستستخدم كامل تأثيرها ضد الحرب، وفي الحقيقة فإنَّ المرأة ستكون عنصراً رئيسياً في تأسيس السلام العالمي. وبالتأكيد ستعمل المرأة على إنهاء الحروب بين الجنس البشري. إن البشرية الآن تقف على أعتاب أولى مرحلة نضجها، وأصبحنا نرى المرأة تجد طريقها في كثير من ميادين الخدمة الاجتماعية والإنسانية والصحية وحتى دخلت عالم السياسة بكل جدارة وإبداع، فانطلقت منها القوى التي كانت حبيسة أفكار وتقاليد قديمة تنتصر لجنس على حساب الآخرلتحقيق مكانته في السيطرة والاستئثار فإننا الآن أصبحنا في قرن امتزجت فيه قدرات الرجال وخبراتهم ونضجهم مع قدرات النساء وفضائلهن وما يمتزن به، وبذلك تستطيع البشرية أن تحقق ازدهار العالم الإنساني، وهذا ما سيؤدي إلى الحد من نشوب الحروب المدمرة وإقامة دعائم السلام المنشود.     كل عام والإنسانية أكثر نضجاً ووعياً بأهمية المشاركة والتكامل بين الجنسين لخلق حضارة إنسانية راقية قوامها الوحدة فى التنوع.

19 مارس 2023

عيد النيروز

Posted in النهج المستقبلى في 5:31 ص بواسطة bahlmbyom

-عيد الصيام –

هو عيد انتهاء الصيام وعيد رأس السنة البهائية

“لَكِ الْحَمْدُ يَا إِلَهِيْ بِمَا جَعَلْتَ النَّيْرُوْزَ عِيْدًا لِلَّذِيْنَ صَامُوْا فِيْ حُبِّكَ وَكَفُّوْا أَنْفُسَهُمْ عَمَّا يَكْرَهُهُ رِضَائُكَ، أَيْ رَبِّ اجْعَلْهُمْ مِنْ نَارِ حُبِّكَ وَحَرَارَةِ صَوْمِكَ مُشْتَعِلِيْنَ فِيْ أَمْرِكَ وَمُشْتَغِلِيْنَ بِذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ”

-حضرة بهاء الله-

 

إنّ لكلّ ملّة يومًا تعتبره يوم سعادتها وفيه تهيّئ وسائل سرورها. وهناك في الشّرائع المقدّسة الإلهيّة في كلّ دور وكور أيّام سرور وحبور وأعياد مباركة. وفي تلك الأيّام يجب أن يشغل الجميع بالسّرور والحبور ويحتفلوا احتفالاً عامًّا لائقًا يتّسم بالوحدة حتى تتجسّد في الأنظار ألفة الأمّة واتّحادها ، عيد النيروز هو بدايه السنة البهائية (التي تبدأ بشهر البهاء) وعلى أحبّاء الله قطعًا في مثل هذا اليوم أن يتركوا لهم آثارًا خيريّة مادّيّة أو آثارًا خيريّة معنويّة بحيث تشمل هذه الآثار الخيريّة جميع النّوع البشريّ. لأنّ كلّ عمل خيريّ في هذا الدّور البديع يجب أن يكون عموميًّا أي أن يشمل جميع البشر ولا يقتصر على البهائييّن وحدهم. ففي جميع أدوار الأنبياء كانت المشاريع الخيريّة مقصورة على الملّة وحدها ما عدا المسائل الجزئيّة كالصّدقة فقد أجازوا شمولها العموم أمّا في هذا الدّور البديع فحيث إنّه دور ظهور الرحمة الإلهيّة فإنّ جميع المشاريع الخيريّة تشمل جميع البشر بدون استثناء لهذا فكلّ مشروع عموميّ يتعلّق بعموم العالم الإنسانيّ هو مشروع إلهيّ وكلّ أمر خصوصيّ ومشروع لا يتعلّق بالعموم فإنّه محدود، لهذا أتمنّى أن يكون كلّ واحد من أحبّاء الله رحمة إلهيّة لعموم البشر وعليكم البهاء الأبهى.

                                   مقتطف من خطبة لحضرة عبد البهاء في رملة الاسكندريّة في فندق فيكتوريا يوم النّيروز

دعاء يقرأ للأحتفال بعيد النيروز:

لَكَ الحَمْدُ يَا إِلَهِي بِمَا جَعَلْتَ هَذَا اليَوْمَ عِيدًا لِلْمُقَرَّبِيْنَ مِنْ عِبَادِكَ وَ‌المُخْلِصِينَ ‌مِنْ أَحِبَّتِكَ، وَ‌سَمَّيْتَهُ بِهَذَا الإِسْمِ الَّذِي بِهِ سَخَّرْتَ الأَشْيَاءَ وَفَاحَتْ نَفَحَاتُ الظُّهُورِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَآءِ، وَبِهِ ظَهَرَ مَا هُوَ المَسْطُورُ فِي صُحُفِكَ ‌المُقَدَّسِةِ وَ‌كُتُبِكَ‌ المُنَزَّلَةِ، وَ‌بِهِ بَشَّرَ سُفَرَاؤُكَ وَأَوْليَاؤُكَ لِيَسْتَعِدَّ الكُلُّ لِلِقَائِكَ وَالتَّوَجُّهِ إِلَى بَحْرِ وِصَالِكَ وَيَحْضُرُوا مَقَرَّ عَرْشِكَ ويَسْمَعُوا نِدَاءَكَ الأَحْلَى مِنْ مَطْلِعِ غَيْبِكَ ومَشْرِقِ ذَاتِكَ، أَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ ‌يَا إِلهِي بِمَا أَظْهَرْتَ ‌الحُجَّةَ وَ‌أَكْمَلتَ النِّعْمَةَ وَاسْتَقَرَّ عَلَى عَرْشِ الظُّهُورِ مَنْ كَانَ مُدِلاًّ بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَ‌حَاكِيًا عَنْ فَرْدَانِيَّتِكَ، وَدَ‌عَوْتَ ‌الكُلَّ إِلى الحُضُورِ، مِنَ النَّاسِ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَفَازَ بِلِقَائِهِ وَشَرِبَ رَحِيقَ وَحْيِهِ، أَسْأَلُكَ بِسُلْطَانِكَ الَّذِي غَلَبَ الكَائِنَاتِ وَبِفَضْلِكَ‌ الَّذِي أَحَاطَ المُمْكنَاتِ، بِأَنْ تَجْعَلَ أَحِبَّتَكَ مُنْقَطِعِينَ عَنْ دُونِكَ وَمُتَوَجِّهِينَ إِلَى أُفُقِ جُودِكَ، ثُمَّ أَيِّدْهُم عَلَى القِيَامِ عَلَى خِدْمَتِكَ‌ لِيَظْهَرَ مِنْهُمْ ‌مَا أَرَدْتَهُ فِي مَمْلَكَتِكَ وَيَرْتَفِعَ بِهِمْ رَايَاتُ نُصْرَتِكَ فِي بِلاَدِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتِعَالِي المُهَيْمِنُ العَلِيمُ الحَكيمُ، أَحْمَدُكَ يَا إِلهِي بِمَا جَعَلْتَ السِّجْنَ عَرْشًا لِمَمْلَكتِكَ وَسَمَاءً لِسَمَوَاتِكَ وَمَشْرِقًا لِمَشَارِقِكَ ومَطْلِعًا لِمَطَالِعِكَ وَمَبدَأً لِفُيُوضَاتِكَ وَرُوحًا لأَجْسَادِ بَرِيَّتِكَ، أَسْأَلُكَ‌ بِأَنْ تُوَفِّقَ‌ أَصْفِيَاءَكَ عَلَى العَمَلِ فِي رِضَائِكَ، ثُمَّ قَدِّسْهُم يَا إِلهي عَمَّا يَتَكَدَّرُ بِهِ أَذْيَالُهُم فِي أَيَّامِكَ، أَيْ رَبِّ تَرَى فِي بَعْضِ دِيَارِكَ مَا لا يُحِبُّهُ رِضَاؤُكَ، وَتَرَى الَّذِينَ يَدَّعُونَ مَحَبَّتَكَ يَعْمَلُونَ بِمَا عَمِلَ بِهِ أَعْدَاؤُكَ، أَيْ رَبِّ طَهِّرْهُمْ بِهذَا الكَوْثَرِ الَّذِي طَهَّرْتَ بِهِ المُقَرَّبِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ أَحِبَّتِكَ وَقَدِّسْهُم عَمَّا يَضِيعُ‌ بِهِ‌ أَمْرُكَ فِي دِيَارِكَ وَمَا يَحْتَجِبُ بِهِ أَهْلُ بِلاَدِكَ، أَيْ رَبِّ ‌أَسْأَلُكَ‌ بِاسْمِكَ المُهَيْمِنِ عَلَى الأَسْمَاءِ بِأَنْ تَحْفَظَهُم عَنِ اتِّبَاعِ النَّفْسِ وَالهَوَى، لِيَجْتَمِعَ ‌الكُلُّ عَلَى مَا أَمَرْتَ بِهِ ‌فِي كِتَابِكَ، ثُمَّ اجْعَلْهُم أَيَادِيَ‌ أَمْرِكَ‌ لِيَنْتَشِرَ بِهِمْ آيَاتُكَ فِي أَرْضِكَ وَظُهُورَاتُ تَنْزِيهِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى مَا تَشَاءُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ‌ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ. 

 – بهاءالله

 

2 مارس 2023

جوهر واحد                                 

Posted in النهج المستقبلى في 11:08 ص بواسطة bahlmbyom

الوعي لخلق ثقافة عالمية للوحدة والاتحاد

“ماالأرض الا وطن واحد والبشر جميعاً سكانه”

إنّ جذور كلّ أشكال التمييز وعدم التّسامح تكمن في الفكرة الخاطئة بأنّ الجنس البشريّ يتألف بطريقة ما من أعراق منفصلة ومختلفة من الشّعوب أو الطّبقات الاجتماعية، وأنّ هذه الجماعات الثانوية تحوز بالفطرة على قدرات فكريّة، أخلاقيّة، و/أو جسمانيّة، والتي  بدورها تبرّر أشكالًا مختلفة من التّعامل.

الحقيقة هي أنّ هناك جنسًا بشريًا واحدًا فقط. فنحن شعب واحد يسكن كوكب الأرض، وأسرة بشريّة واحدة يربطنا مصير مشترك، وكيان واحد خُلق من نفس الجوهر وملزم ليكون “كروح واحدة”..

إنّ الاعتراف بهذا الواقع هو الترياق لسمّ العنصريّة وكره الأجانب وعدم التسامح بكافّة أشكاله. وبالتّالي، يجب أن تكون القاعدة التي توجه المناقشات والمداولات والنتائج النهائيّة للمؤتمر العالميّ لمناهضة العنصريّة.

والفهم الصحيح لحقيقة هذا الواقع، ليس لديه القدرة على التقدّم بالإنسانيّة لتتجاوز العنصرية والتعصب الإثني والعرقي وكراهية الأجانب فحسب، ولكن أيضًا إلى ما هو أبعد من أفكار ونظريات وسطية للتسامح أو تعدد الثقافات – وهي مفاهيم تُعتبر درجات في سُلّم تحقيق الإنسانية للهدف الذي طالما تاقت إليه لبناء عالَم يسوده السلام والعدل والاتحاد، لكنها غير كافية للقضاء على مثل هذه الآفات المتجذّرة بعمق كالعنصريّة وما صاحبها.

يضرب مبدأ الوحدة الإنسانية على وتر، هو في أعمق أعماق الرّوح الإنسانيّة. إلا أنه ليس أسلوبًا آخر في التحدّث عن الأخوّة أو التكافل المثالي. كما أنه ليس أملاً مبهمًا أو مجرّد شعار. بل بالأحرى يعكس حقيقة أزليّة روحانيّة وأخلاقيّة وجسمانيّة وضعها في محور التركيز بلوغُ البشريّة الجماعيّ في القرن العشرين. وأصبح ظهور هذا المبدأ أكثر وضوحًا وجلاءًا الآن، لأنه ولأول مرّة في التّاريخ، صار من الممكن لكافّة شعوب العالم أن يدركوا ويحسوا بالتعاون المتبادل فيما بينهم، ويغدوا واعين بأنهم واحدٌ كاملٌ لا يتجزأ.

يتفق العلم تماماً مع حقيقة وحدة البشر. فقد بيّن وأثبت كلّ من علم الإنسان، وعلم الأحياء، وعلم النّفس، وعلم الاجتماع، ومؤخرًا، علم الوراثة في فكّه لرموز الموروث الجيني البشريّ، أن هناك نوعًا بشريًا واحدًا فقط،  وإن كان هناك  تنوع لا حدّ له من حيث الجوانب الحياتية الثانوية. وكذلك، فقد أيّدت أديان العالم العظيمة هذا المبدأ، حتى وإن تشبث أتباعها في بعض الأحيان  بمفاهيم خاطئة  للتفوق. وقد وعد مؤسّسو أديان العالم العظيمة بأنّ السّلام والعدل سيسودان في يوم ما، وسيتّحد البشر جميعًا.  

إنّ الوعي المعاصر للوحدة الجماعيّة للبشريّة قد أتى بعد عمليّة تاريخيّة اندمج فيها الأفراد في وحدات أكبر. والخطوة الحتميّة التالية للبشريّة، بعد انتقالها من العشائر إلى القبائل إلى المدينة – الدولة، إلى الأمم، ليست بأقل من أن تكون خلقًا لحضارة عالميّة يصبح فيها النّاس والشّعوب جميعًا الأجزاء المكونة لكائن حيّ عظيم واحد — كائن حيّ هو الحضارة الإنسانية ذاتها. وكما تفضل حضرة بهاءالله  قبل أكثر من 100 عامٍ، “ما الأرض إلاّ وطن واحد، والبشر سكّانه”.

إضافة إلى ذلك، وكما هو موضّح في الكتابات  البهائية، فإنّ وحدة البشر “تعني بأنّ هناك تغييرات عضوية في بنية المجتمع الراهن وهي تغييرات لم يشهد لها العالم مثيلاً؟ فأقل ما يدعو إليه هو إعادة بناء صرح العالم المتحضّر وتحقيق نزع سلاحه. وينادي إضافة إلى ذلك بإقامة عالم متّحد عضويًا في كلّ ناحية من النواحي الأساسيّة من حياته، متّحد في منظوماته السياسيّة وفي تطلعاته الرّوحية وفي تجارته ونظمه الماليّة ومتّحد في لغته وأبجديّته وحروف هجائه، ولكنه أيضًا قادر على احتواء ما لا نهاية له من تعدّد الخاصيّات القومية المختلفة لأجزائه المتّحدة.”

عند النظر في ما يلزم من مواضيع لمؤتمر عالميّ لمناهضة العنصريّة فإنّ فهمًا صحيحًا لحقيقة وحدة الجنس البشري يحمل عدّة مضامين.

إنّه يعني أنّ أيّ قانون أو تقليد أو تصوّر فكري يمنح حقوقًا أو امتيازات عليا لمجموعة من البشر دون الأخرى، لن يكون فقط خطأً أخلاقيًا بل إنّه يتعارض أساسًا مع المصالح العليا حتى لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم بطريقة ما أنّهم متفوقون.

إنّه يعني أنّ الدول القوميّة، التي هي لبنات لبناء الحضارة العالميّة، يجب عليها التمسّك بمعايير مشتركة للحقوق واتخاذ خطوات فعّالة لتطهير قوانينها وتقاليدها وممارساتها من أيّ شكل من أشكال التمييز المبني على أساس العرق أو الوطنية أو الإثنية.

إنّه يعني أنّ العدالة يجب أن تكون المبدأ الذي يحكم  النّظام الاجتماعيّ، وهو لازمة طبيعية تدعو إلى اتّخاذ التّدابير على نطاق واسع  من جانب الحكومات والوكالات التّابعة لها والمجتمع المدنيّ لمعالجة الظّلم الاقتصاديّ على جميع المستويات. تدعو الكتابات البهائية إلى كلّ من العطاء التّطوعي والتدابير الحكومية، مثل “التوزيع المتناسب والمتوازن” للثروات الزائدة حتى يتمّ القضاء على التفّاوت الكبير بين الغنيّ والفقير. كما توصي الكتابات البهائيّة باتخاذ تدابير محدّدة، مثل تقاسم الأرباح واعتبار العمل في مرتبة العبادة ممّا يعزّز الازدهار الاقتصاديّ العام لجميع الطبقات.

إن قضايا كره الأجانب والموضوعة أمام المؤتمر والخاصة بالمشاكل المعاصرة للأقليّات المتشتّتة، والتباين في تطبيق قوانين الجنسية، وإعادة توطين اللاجئين، يمكن أيضًا معالجتها على أفضل ما يمكن في ضوء مبدأ وحدة الجنس البشري، ومفهوم المواطنة العالميّة كما أشار إليها بهاءالله.

وعلاوة على ذلك، فإنّ مبدأ وحدة الجنس البشري يكشف عن أيّ محاولة لتمييز “أعراق” أو “شعوب” في عالمنا المعاصر، بأنها محاولات مصطنعة ومضلّلة. وبينما يمكن اعتبار التراث العرقي والوطني و/أو الإثني كمصدر فخر وربما أيضًا خلفية للتنمية الاجتماعية الإيجابية، إلاّ أن مثل هذا التمييز لا ينبغي أن يصبح أساسًا لأشكال جديدة من التفريق أو التفوّق حتى ولو كان بطريقة خفية.

لقد دعمت الجامعة البهائية العالمية على مرّ السّنين، في بيانات موجهة للأمم المتّحدة أو دعت إلى اتخاذ إجراءات محدّدة لدعم وحدة الجنس البشري ومكافحة العنصرية، بما في ذلك :

        ترويج واسع النطاق لحملات تثقيف عالمية تُعلّم الوحدة العضوية للجنس البشري، وتحثّ الأمم المتحدة نفسها بالتّحديد لتسهل مثل هذه الجهود، بالاشتراك مع الحكومات الوطنيّة والمحليّة، فضلاً عن المنظّمات غير الحكومية.  المصادقة على نطاق واسع — والالتزام — بالمواثيق الدّولية، والتي تمثّل الضّمير الجماعي للبشريّة، والتي يمكن أن تسهم في وضع نظام قانونيّ شامل لمكافحة العنصريّة والتمييز العنصري، وخاصّة الميثاق العالميّ للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصريّ.

      

1 فيفري 2023

كيفيّة تغيير العالم المُعاصر

Posted in النهج المستقبلى في 6:22 ص بواسطة bahlmbyom

إِنَّ المسألة الأولى التي يجب حلّها هي كيفيّة تغيير العالم المُعاصر، بكلّ ما فيه من أنماط الصّراعات المتأصِّلة وجَعْلُه عالماً يَسُوده التّعاوُن والانسجام.  فالنّظام العالميّ لا يمكن تثبيته إلاّ على أساس الوعي وعياً راسخاً لا يتزعزع بوحدة الجنس البشريّ، هذه الوحدة التي هي حقيقةٌ روحيّة تؤكِّدها العلوم الإنسانيّة بأسرها.  إِنَّ علم الإِنسان، وعلم وظائف الأعضاء، وعلم النّفس – هذه العلوم كلّها تعترف بانتماء الإنسان إلى أصلٍ واحد، رغم أَنَّ المظاهر الثّانويّة لحياته تختلف وتتنوَّع بصورة لا حصر لها ولا عدّ. ويتطلَّب إدراك هذه الحقيقة التّخلِّي عن التّعصّبات بكلّ أنوعها عِرقيّة كانت أو طبقيّة، أو دينيّة، أو وطنيّة، أو متَّصلةً باللّون أو بالجنس أو بمستوى الرُّقيّ الماديّ.  وبمعنىً آخر تَرْك كلّ ما قد يُوحي إلى فئة من البشر بأنَّها أفضل شأناً أو أسمى مرتبةً من سواها.           إِنَّ القبول بمبدأ وحدة الجنس البشريّ هو أول مطلبٍ أساسيّ يجب توفُّره في عمليّة إِعادة تنظيم العالم وإدارته كوطن واحد لأبناء البشر أجمع.  والقبول بهذا المبدأ الرّوحيّ قبولاً عالميَّ النّطاق ضروريٌّ بالنّسبة لأيّة محاولة ناجحة لإِقامة صَرْح السّلام العالميّ.  وبناءً على ذلك يجب إعلانه في كلّ أنحاء العالم، وجعله مادَّةً تُدرَّس في المدارس، كما ينبغي المثابرة على تأكيده وإِثباته في كلّ دولة تمهيداً لإِحداث ما ينطوي عليه من تحوُّل عضوي في بُنْيَة المجتمع.

والاعتراف بمبدأ وحدة العالم الإنسانيّ يَستلزِم، من وجهة النّظر البهائيّة، “أَقلَ ما يمكن إعادة بناء العالم المُتمدِّن بأسره ونَزْع سلاحه، ليصبح عالماً متَّحداً اتّحاداً عضويّاً في كلّ نواحي حياته الأساسيّة، فيتوحَّد جهازُه السّياسي، وتتوحَّد مطامحه الرّوحيّة، وتتوحَّد فيه عوالم التّجارة والمال، ويتوحَّد في اللّغة والخطّ، على أن يبقى في ذات الوقت عالماً لا حدود فيه لتنوُّع الخصائص الوطنيّة والقوميّة التي يُمثِّلها أعضاء هذا الاتِّحاد”.

لقد أَسْهَب شوقي أفندي، وليُّ أمر الدّين البهائي، في شرح الآثار المترتِّبة على تنفيذ هذا المبدأ الأساسيّ، عندما عَلَّق على هذا الموضوع عام 1931 بقوله: “بعيداً عن أيّة محاولة لتقويض الأُسُس الرّاهنة التي يقوم عليها المجتمع الإنسانيّ، يسعى مبدأ الوحدة هذا إلى توسيع قواعد ذلك المجتمع، وإعادة صياغة شكل مؤسّساته على نحوٍ يَتَناسَق مع احتياجات عالمٍ دائمِ التّطوّر.  ولن يتعارض هذا المبدأ مع أي ولاءٍ من الولاءات المشروعة، كما أنه لن ينتقص من حقِّ أي ولاءٍ ضروريِّ الوجود.  فهو لا يستهدف إطفاءَ شُعْلَة المحبّة المتَّزنة للوطن في قلوب بني البشر، ولا يسعى إلى إزالة الحكم الذّاتيّ الوطنيّ، الذي هو ضرورةٌ ملحَّة إِذا ما أُرِيدَ تجنُّب الشّرور والمَخاطر النّاجمة عن الحكم المركزيّ المُبالَغ فيه.  ولن يتجاهل هذا المبدأ أو يسعى إِلى طَمْس تلك الميّزات المتَّصلة بالعِرق،

والمناخ، والتّاريخ، واللّغة والتّقاليد، أو المتعلّقة بالفكر والعادات، فهذه الفوارق تُميِّز شعوب العالم ودُوَلَه بعضها عن بعض.  إِنَّه يدعو إلى إقامة ولاءٍ أَوسع، واعتناق مطامح أسمى، تَفُوق كلّ ما سَبَقَ وحَرَّك مشاعر الجنس البشريّ في الماضي.  ويؤكِّد هذا المبدأ إِخضاعَ المشاعر والمصالح الوطنيّة للمتطلَّبات الملحَّة في عالم مُوحَّد، رافضاً المركزيّة الزائدة عن الحدّ من جهة، ومُستنكِراً من جهة أخرى أيّة محاولة من شأنها القضاء على التّنوّع والتّعدّد.  فالشِّعار الذي يَرْفعه هو: “الوحدة والاتِّحاد في التّنوّع والتّعدّد”.

وإِنجازُ مثلُ هذه الأهداف يستلزم توفُّر عِدَّة مراحل عند تعديل المواقف والاتِّجاهات الوطنيّة والسّياسيّة، هذه الاتِّجاهات والمواقف التي باتت الآن تَميل نحو الفوضى في غياب قواعد قانونيّة مُحدَّدة أو مبادئ قابلة للتّنفيذ والتّطبيق على مستوى عالميّ ومن شأنها أن تُنظِّم العلاقات بين الدّول.  ومِمَّا لا ريب فيه أَنَّ عصبة الأمم، ثم هيئة الأمم المتّحدة، بالإضافة إلى العديد من التّنظيمات والاتِّفاقيَّات التي انبثقت عن هاتَيْن الهيئتَيْن العالميّتَيْن قد ساعدت دون شكّ على تخفيف حدّة بعض الآثار السّلبيّة للنزاعات الدّوليّة، ولكنها أَيضاً برهنت على أَنَّها تعجز عن منع الحروب والصّراعات، فالواقع أَنَّ عشرات الحروب قد نَشِبَت منذ انتهاء الحرب العالميّة الثّانية، وأَنَّ العديد منها لا يزال مُسْتَعِرَ الأُوار.

لقد كانت الوجوه البارزة لهذه المشكلة ظاهرةً للعَيان في القرن التّاسع عشر عندما أَصْدَر بهاءالله مقترحاته الأولى بصدد تأسيس السّلام العالميّ.  وعرض بهاءالله مبدأ الأمن الجماعي أو الأمن المشترك في بياناتٍ وجَّهها إلى قادة العالم وحُكَّامه.  وقد كتب شوقي أفندي مُعلِّقاً على مَغْزَى ما صرًّح به بهاءالله بقوله: “إِنَّ المغزى الذي يكمن في هذه الكلمات الخطيرة هو أَنَّها تشير إٍلى أَنَّ كَبْحَ جِماح المشاعر المتعلقة بالسّيادة الوطنيّة المتطرِّفة أَمرٌ لا مناص منه كإجراءٍ أوَّلي لا يمكن الاستغناء عنه في تأسيس رابطة الشّعوب المتّحدة التي ستَنْتَمي إليها مُستقبلاً كلّ دول العالم.  فلا بُدَّ من حدوث تطورٍ يَقودُ إلى قيام شَكْلٍ من أشكال الحكومة العالميّة تخضع لها عن طِيبِ خاطرٍ كلّ دول العالم، فتتنازل لصالحها عن كلّ حقّ في شنّ الحروب، وعن حقوقٍ مُعيَّنة في فرض الضّرائب، وعن كلّ حقّ أَيضاً يسمح لها بالتّسلُّح، إِلاَّ ما كان منه يَكفي لأغراض المحافظة على الأمن الدّاخلي ضمن الحدود المَعْنيَّة لكلّ دولة.  ويدور في فَلَك هذه الحكومة العالميّة قوّةٌ تنفيذيّة دوليّة قادرة على فرض سلطتها العليا التي لا يمكن تحدِّيها من قِبَل أيّ مُعارضٍ من أَعضاء رابطة شعوب الاتِّحاد.  يُضاف إلى ذلك إِقامة بَرلَمان عالميّ يَنتخِب أعضاءَه كلّ شعب ضمن حدود بلاده، ويَحْظَى انتخابُهم بموافقة حكوماتهم الخاصّة، وكذلك تأسيسُ محكمة عُليا يكون لقراراتها صِفَة الإِلزام حتى في القضايا التي لم تكن الأطراف المَعنيَّة راغبةً في طرحها أمام تلك المحكمة… إِنَّها جامعةٌ عالميّة تزول فيها إلىغير رجعة كلّ الحواجز الاقتصاديّة ويقوم فيها اعتراف قاطع بأنَّ رأس المال واليد العاملة شريكان لاغِنَى للواحد منهما عن الآخر، جامعةٌ يتلاشى فيه نهائيّاً ضجيج التّعصّبات والمُنازعات الدّينيّة، جامعةٌ تنطفئ فيها إِلى الأبد نار البغضاء العرقيّة، جامعةٌ تَسُودها شِرْعَةٌ قانونيّة دوليّة واحدة تكون تعبيراً عن الرّأي الحصيف الذي يَصِل إليه بعنايةٍ مُمثِّلو ذلك الاتِّحاد، ويجري تنفيذ أحكامها بالتّدخُّل الفوريّ من قِبَل مجموع القوات الخاضعة لكلّ دولة من دول الاتِّحاد.  وأخيراً إِنَّها جامعةٌ عالميّة يتحوَّل فيها التّعصّب الوطني المتقلِّب الأهواء، العنيف الاتِّجاهات، إلى إِدراكٍ راسخٍ لمعنى المواطِنيَّة العالميّة – تلك هي حقّاً الخطوط العريضة لصورة النّظام الذي رَسَمَه مُسبَقاً بهاءالله، وهو نظامٌ سوف يُنْظَر إليه على أنَّه أَينع ثمرةٍ من ثمرات عصرٍ يكتمل نُضْجُه ببطء”.

وقد أشار بهاءالله إلى تنفيذ مثل هذه الإجراءات البعيدة المدى بقوله: “سيأتي الوقت الذي يدرك فيه العموم الحاجة الملحَّة التي تدعو إلى عقدِ اجتماعٍ واسع يشمل البشر جميعاً.  وعلى ملوك الأرض وحُكّامها أن يحضروه، وأن يشتركوا في مُداولاته، ويَدْرُسوا الوسائل والطُّرُق التي يمكن بها إرساء قواعد السّلام العظيم بين البشر”.

إِنَّ الشّجاعة والعزيمة، وصفاء النّيَّة، والمحبّة المُنزَّهة عن المآرب الشّخصيّة بين شعبٍ وآخر، وكلّ الفضائل الرّوحيّةوالخُلُقِيَّة التي يستلزمها تنفيذ هذه الخطوة الخطيرة نحو السّلام ترتكز على فِعْل الإِرادة.  ففي اتِّجاهنا لخَلْق الإِرادة الضروريّة علينا أن نأخذ بعين الاعتبار صادقين حقيقة الإنسان، أي فِكْرَه.  فإِذا تمكَّنا من إدراك علاقة هذه الحقيقة النّافذة بالنّسبة لهذا الموضوع نتمكَّن أيضاً من تقدير الضرورة الاجتماعيّة لترجمة فضائل هذه الحقيقة الفريدة إلى الواقع عن طريق المَشُورة الودِّيّة الصّادقة الرّزينة، ومن ثمّ العمل بمُقْتضَيات نتائج هذه المشورة.  وقد لَفَتَ بهاءالله الأنظار مشدِّداً على منافع المشورة في تنظيم الشّؤون الإنسانيّة وعلى أَنَّه لا يمكن الاستغناء عنها فقال: “تُسْبغ المشورة وعياً أكبر وتُحيل الحَدْسَ إلى يقين.  إِنَّها سراجٌ مُنير في ظَلام العالم يُضيء السّبيل ويَهْدي إلى الرّشاد.  إِنَّ لكلّ شيء درجةً من الكمال والنّضوج تستمرّ وتَدُوم، ونضوج نعمة الإدراك يظهر جليّاً بواسطة المشورة”.  وبالمِثْل فإِنَّ محاولة تحقيق السّلام عن طريق فِعل المشورة بالذات كما اقترحها بهاءالله سوف تُساعد على نشرِ روحٍ خَيِّرة بين أهل العالم لا يمكن لأيّة قوّة مُناهَضَةُ نتائجها النّافذة في نهاية الأمر.

السّلامُ العَالميُّ وَعْدٌ حَقٌّ

تَرْجَمَةُ البَيَانِ الصَّادِرِ عن بَيْتِ العَدْلِ الأعْظَمِ

 والموجَّه إلى شعوب العالم

1 جانفي 2023

إستعراض عام 2022″ بداية رحلة جديدة”

Posted in النهج المستقبلى في 10:27 ص بواسطة bahlmbyom

أضواء على بعض ماتم إنجازه فى العالم البهائى هذا العام


30 ديسمبر 2022
يشارك خدمة أخبار العالم البهائي النظر في القصص التي غطتها خلال العام الماضي ، وتقدم لمحة موجزة عن الجهود التي بذلها المجتمع البهائي العالمي للمساهمة في جهود البشرية للتحرك نحو عالم أفضل.

المؤتمرات العالمية
عندما وصلت اللحظات الأولى من عام 2022 ، كانت الجامعة البهائية في جميع أنحاء العالم تنتظر بشغف سلسلة من المؤتمرات العالمية التي ستطلقها إلى مرحلة جديدة في رحلتها. ستوفر هذه التجمعات الضخمة للأفراد والمجتمعات والمؤسسات فرصة للتشاور حول كيفية تكثيف الجهود البهائية لتعزيز التحول الاجتماعي في العقد القادم.

تم تعزيز الحاجة الملحة لهذه المؤتمرات من قبل بيت العدل الأعظم في الأيام الأولى من العام في رسالة تسلط الضوء على مبدأ الوحدة ، والتي تنص جزئيًا على أن “التحديات العالمية التي تواجه البشرية الآن هي اختبار صارم لاستعدادها لنضع جانباً المصلحة الذاتية قصيرة المدى والتصالح مع هذا الواقع الروحي والأخلاقي الصارخ: لا توجد سوى عائلة بشرية واحدة مترابطة وتشترك في وطن واحد ثمين “.

على خلفية التوتر والصراع المجتمعي المستمر ، اجتاحت المؤتمرات جميع أنحاء العالم خلال الأشهر المقبلة ، مما مكن عددًا لا يحصى من الأشخاص من تركيز إحساسهم المتزايد بالحاجة الملحة للتحديات العالمية في الجهود المبذولة من أجل تقدم مجتمعاتهم.

قدمت المؤتمرات على المستويات المحلية والوطنية والدولية للبهائيين والعديد من أصدقائهم وجيرانهم الذين يرغبون في المساهمة في هذه العملية رؤى من التجربة في أنشطة بناء المجتمع البهائي ، والمبادرات المتخذة للعمل الاجتماعي ، والجهود. للمساهمة في الخطابات السائدة. في العديد من الأماكن ، حفزت المؤتمرات النقاش حول موضوع شامل ، مثل دور المرأة في التقدم الاجتماعي وتعزيز المجتمعات السلمية. من خلال هذه المناقشات ، وجد المشاركون إحساسًا متجددًا بالأمل في قدرة الإنسانية على الإيثار ، والشعور بالارتباط بروابط الحب والزمالة مع الآخرين في جهد عالمي يهدف إلى التحسين الاجتماعي.

السعي لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية
في العام الماضي ، غطت الخدمة الإخبارية مجموعة متنوعة من القصص حول مبادرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبهائيين. بعد الفيضانات الشديدة ، وجه المشاركون في أنشطة بناء المجتمع البهائي تركيزهم على الفور نحو جهود الإغاثة.

،مبادرات من بهائى النمسا بتقديم دروسًا في اللغة الألمانية للعائلات الوافدة حديثًا ، مما أمكن الأشخاص الوافدين من التغلب على عائق اللغة والعزلة.

المشاركة في الأحاديث المجتمعية البناءة
كما أفادت خدمة الأخبار عن جهود الجامعة البهائية العالمية والجماعات البهائية الوطنية في جميع أنحاء العالم للمساهمة في تقدم الفكر في العديد من القضايا ذات الاهتمام الملح. كما أصدرت الجامعة البهائية العالمية بيانًا ” كيف يمكن لمبدأ وحدة البشرية أن يقدم رؤى ثاقبة للجهود المبذولة لتحسين الأمن الغذائي العالمي.”وكذلك المساهمة فى عدد من المناقشات حول تغير المناخ وتأثيره غير المتناسب على المرأة. سلط بيان صدر عن مركز معلومات البنك الضوء على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل باعتباره ضروريًا لعمليات الحوكمة التي تهدف إلى تعزيز مقاومة تغير المناخ.

استضاف مكتب مركز معلومات في جنيف حلقة نقاشية في قمة ، مؤكدة على الحاجة إلى رؤية مشتركة بين قطاع التكنولوجيا والحكومة ومنظمات المجتمع المدني من أجل معالجة خطاب الكراهية عبر الإنترنت كما تناول مكتب الجامعة البهائية العالمية الأسباب الجذرية للانهيار البيئي وسلط الضوء على مبادئ ومقترحات العمل للتغلب على هذه المشاكل

خلال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، أكد ممثلو مكتب الجامعة البهائية في نيويورك على الحاجة إلى هوية مشتركة على أساس مبدأ وحدة االعالم الإنسانى..

اجتمع القادة الدينيون من جميع أنحاء العالم في المؤتمر السابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في أستانا – كازاخستان – لمناقشة دور الدين في المساهمة في التقدم الاجتماعي في عالم ما بعد الوباء.

استضاف الجامعة البهائية العالمية نقاش في مقر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لدراسة دور التعليم في مواجهة التحديات التي تواجه صغار المزارعين الصغار في المناطق الريفية.

أنتج الجامعة البهائية العالمية فيلمًا قصيرًا عن مشروع استعادة الشعاب المرجانية بقيادة الشباب في تانا ، فانواتو. تم عرض الفيلم الذي تبلغ مدته 13 دقيقة بعنوان “تانا: دراسة في القيادة والعمل” في COP27.

حضرت وفود من العديد من مكاتب الجامعة البهائية العالمية قمة المناخ COP27 في مصر.

أطلق المكتب البهائي للشؤون العامة في المملكة المتحدة سلسلة بودكاست جديدة بعنوان “بحسن نية” ، والتي تستكشف العلاقة بين الدين والإعلام.

قدم فيلم قصير من إنتاج الساحة ، وهي خدمة إخبارية على الإنترنت مقرها في مصر ، منظورًا لتجربة المجتمع البهائي في مصر ، منذ بداياته في القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا.

، في تونس ، قام ممثل عن المكتب البهائي للشؤون الخارجية باستكشاف دور الدين في المجتمع في برنامج تلفزيوني وطني. شهد هذا العام أيضًا توقيع مجتمعات دينية متنوعة في ذلك البلد على ميثاق ، يعبرون عن التزامهم بمجتمع أكثر سلامًا.

عرض بهائيو الإمارات رؤى من تجاربهم في تعزيز الحوار حول الدور البناء للدين في المجتمع المعاصر.

اضطهاد البهائيين في إيران
على مدى العام الماضي ، اشتد اضطهاد البهائيين في إيران ، وتصاعد في الصيف مع موجة من الاعتقالات والتدمير العنيف لمنازل البهائيين في قرية روشانكوه. وأعقب هذا القمع على الفور تدفق بيانات من مسؤولين حكوميين وتغطية إخبارية من قبل وسائل الإعلام الدولية للمطالبة بوضع حد للظلم.

بعد أسابيع قليلة من هذه الأحداث ، ووسط أعمال عنف وقمعية متزايدة من قبل السلطات الإيرانية ضد مواطنيها ، حُكم على سيدتين من البهائيتين اللتين تعتبران رمزا للصمود في إيران بعد قضاء 10 سنوات في السجن ، بالسجن القاسي الثاني لمدة 10 سنوات. .

وقد أطلق عليهما أنصار المرأتين اسم رموز الصمود ، والمقربين من الأفراد الآخرين المضطهدين والمسجونين ، والأمهات لجميع الإيرانيات.

المنشورات

شهد العام الماضي العديد من المنشورات عبر الإنترنت.قدم فيلم بتكليف من بيت العدل الأعظم لمحات عن جهود الجامعة البهائية خلال القرن الماضي للمساهمة في تعزيز عالم أكثر سلامًا.

فيلم وثائقي قصير مكتبة أفنان ومجموعتها الرائعة التي تضم أكثر من 12000 عنصر متعلق بالدين البهائي وموضوعات أخرى ذات صلة واسعة.

دور العبادة البهائيةمشارق الأذكار
خلال العام الماضي ، نشرت خدمة الأخبار أخبارًا عن قصص حول مساهمة المعابد البهائية في الطابع التعبدي للمجتمعات المجاورة. لقد ألهمت هذه المعابد الناس للتفكير في كيفية خدمة مواطنيهم. كما تضمنت التغطية الإخبارية لبيوت العبادة قصصاً عن التقدم المحرز في بناء المعابد في جمهورية الكونغو الديمقراطية وبابوا غينيا الجديدة ، فضلاً عن الذكرى الخمسين لتكريس المعبد البهائي في بنما.

بناء مرقد عبدالبهاء
على الرغم من الانتكاسة التي سببها حريق في الموقع ، استمر التقدم في بناء ضريح عبد البهاء،تطور آخر هذا العام كان جزء من العمل في مركز زوار عكا
.

16 ديسمبر 2022

كوكب واحد موطن واحد من وحى مؤتمر المناخ

Posted in النهج المستقبلى في 7:41 ص بواسطة bahlmbyom

كوكب واحد موطن واحد من وحى مؤتمر المناخ

https://www.albawabhnews.com/4708189

بقلم وفاء هندى

كان لى الحظ الوافر ان أكون ضمن الحضور فى مؤتمر المناخ الذى أنعقد هذا العام فى مدينة شرم الشيخ وكم سعدت وأمتلأت فخراً بالمجهودات المبذولة من قبل الحكومة المصرية  بكل أطيافها وشبابنا الرائع الذى تُرفَع لهم القبعة امتناناً وشكراً لأدائهم ومجهوداتهم االعظيمة وصورتهم البراقة أمام العالم أجمع  وكذلك تكاتف العالم الإنسانى فى وحدة وتناغم نحو تحقيق الهدف فى إنقاذ كوكبنا لقد شارك في المؤتمر ممثلون من معظم بلدان العالم والجمعيات المدنية العالمية والمحلية ذلك لأهمية الحدث وتعاظم قيمة البيئة ومحاولة الوصول الى حلول جذرية فى كيفية الحفاظ عليها وكذلك لتقديم  الحلول والأراء العديدة للوصول الى مانصبو اليه من بيئة نظيفة وإرث فريد يجب ان نتركه للأجيال القادمة فى صورة لائقة ، ولقد شاركت الجامعة البهائية العالمية بصفتها منظمة غير حكومية وتتمتع بمركز استشارى فى الأمم المتحدة ولها باع طويل فى المساهمات الهامة  إجتماعياً وإقتصادياً فى تقديم ورقات بحثية نحو تقدم العالم الإنسانى وقد ساهمت فى هذا المؤتمر الهام بورقة بحثية بعنوان كوكب واحد موطن واحد” اعتقد انها من الأهمية لإن نلقى الضوء على بعض مابها من أفكار ومجهودات فى إيجاد حلول للمشاكل البيئية المعقدة التى وصلنا اليها فى عالمنا المعاصروالنقاط التى يجب التركيز عليها لتحقيق تقدماً ملموساً نحو عالم أفضل لإنقاذ عالمنا وكوكبنا من الكثير من الأضرار التى تكاد ان تدمره وتعصف به، لقد أصبحت التأثيرات الجسيمة لتجاوز حدود الكوكب ظاهرة بشكلٍ متصاعد، فمنها التغير المناخي وفقدان التنوع الحيوي والتلوث والتدهور البيئي، وهذا مادفع البشرية إلى تطوير علاقات ناضجة ومتعاونة وبناءة بين شعوبها وبين بيئتها الطبيعة.

لقد تقدّم التفكير في القضايا البيئية بصورة ملحوظة منذ مؤتمر الأمم المتحدة والذي كان حدثًا بارزًا لنقاش بيئة الانسان في عام 1972 ففي نصف القرن الماضي برز التقدّم المحرز سواء في المجالات العلمية أو القانونية أو المؤسساتية كسبب يدعو إلى الثقة ومصدراً للتفاؤل ولكن اليوم أصبحت ترجمة هذه المفاهيم إلى أفعال بحاجة إلى سرعة أكبر ونطاق أوسع، وأصبحت التغيرات الشاملة في تنظيم وإدارة الشئون البشرية أمراً لازماً وضرورياً يستحيل تجنبه، والسؤال الذي يطرح نفسه أمام شعوب وقيادات العالم هو هل ما يجب القيام به سيكون نابعاً من اختياراتنا أم سيكون مفروضا علينا نتيجة الدمار والمعاناة التي ستنجم عن زيادة الإنهيار البيئي المتصاعد؟

ومن الأساسيات التى يجب ان نتحرك من خلالها هى أن كل منا يأتى إلى هذا العالم كوديعة في أمانة المجتمع الإنساني ، وكلّ منا عليه أن يحمل جزءًا من مسؤولية إصلاح المجتمع والكوكب الذي نعيش فيه فالإحتياج الدائم إلى الموارد الطبيعية أساسي لحفظ ولتقدم الحضارة الإنسانية ولكن المطلوب هو توجيه هذا الإحتياج برشد وإبداعً وشفقة، وبينما نحن نتعلم عن أفضل الطرق لإستخدام المواد الخام المستخرجة من الأرض وأساليب توجيهها للمصلحة العامة، لابد وأن نكون على وعي بطرق تفكيرنا تجاه مصدر بقائنا، ويجب على ممارساتنا أن تعكس حقيقة أن ثروات الأرض وعناصرها الباهرة ملك مشترك لجميع البشر ويستحقون حصتهم منها بعدل وإنصاف، ومن الضروري أن تُظهِر إختياراتنا فى صناعة القرارا منظورا اساسياً يتسم بالحكمة وحسن التقدير الناتجان عن الإزدياد في النضج فيضع في الإعتبار إزدهار سكان الأرض في المستقبل.

لن نستطيع إيجاد حلولا حقيقية إلا إذا أدركا اننا إنسانية واحدة في وطن عالمي واحد كى نحقق رؤية واسعة تشمل العالم بأسره، ولا يمكن أن نرى البشرية إلا من خلال منظور شعب واحدٍ يعيش في وطن عالمي واحد فالوعي بهذه الوحدة والذي يظهر من خلال العلاقات العادلة يشكل الأساس الوحيد الذي يمكن من خلاله بناء المجتمعات المستديمة.

إنّ إقرارنا بوحدة البشرية لا يعني إزهاق التنوع في أساليب التعبيرأو الثقافات فمبدأ الوحدة يحوي في ثناياه مفهوم التنوع الأساسي، وهو ما يفرقه عن التماثل ففي عالم الطبيعة تزدهر الأنظمة من خلال تفاعلات عناصر على درجة كبيرة من التنوع مع بعضها البعض حيث تكون الإختلافات بين هذه العناصر سبباً في تحسين الكيان العمومي بأسره.

يستحق كل سكان الأرض فرصة الأستمتاع بثمار مجتمع عالمي يتقدم بتناغم مع عالم الطبيعة ولبناء مجتمع كهذا يجب تمكين الأفراد في كل مكان ليساهموا في العمليات البنّاءة الهادفة إلى تأسيسه، ولذا يصبح بناء القدرة لدى الأفراد والجماعات والمؤسسات للمساهمة الفعالة في التغيير عنصر لا غنى عنه في العمل البيئي الحيوى.

إنّ إطلاق العنان للخصال السامية والكامنة في كل فرد هو الشغل الشاغل للتعاليم والمثل الدينية عبر آلاف السنين ولايمكن أن ننكر كيف قوض التشدد والتعصب الضرورات الأخلاقية التي تكمن في صميم العديد من هذه التعاليم الدينية. ومع ذلك، فإن المجتمعات التي تعمل بنشاط من أجل وضع القيم السامية موضع التنفيذ، من أجل خير الجميع تمثل مخزونًا من الخبرة جديرًا بالاهتمام الجاد. كيف يمكن لمثل هذه المُثُل العليا أن تتغلغل في تفكير وسلوك أعداد متزايدة من الأفراد؟ وكيف يمكن تعزيز وتسريع هذه العملية بوعي؟ هذه أسئلة ذات أهمية محورية للحركة البيئية والإنسانية ككل.

علينا ان نعى قيمة العلم والدين فى تطور الجنس البشرى وإيجاد حلول مستدامة نحو الرقى والنجاح فالبحث العلمي أداة هامة لمحاولة فهم الواقع الملموس ولخلق حلول مبتكرة مبنية على السعي وراء الحقيقة والإلتزام بالتعلم، وعندما يمتزج العلم مع قيم مثل تجنب التعصب والتحيّز، فأنه يُمكّن البشرية من التفريق بين الحقيقة والوهم، ولقد سمحت لنا القدرات العلمية المتمثلة في مراقبة الأفكار وقياسها واختبارها بدقة فى بناء فهم متماسك للقوانين والعمليات التي تحكم واقعنا، ذلك الى جانب الجناح الآخرللإنسانية وهو الدين الذى يوفر إطارًا يمكن من خلاله تطبيق المُثُل العليا في حياة الأفراد وفي حياة المجتمع من أجل تحسين أوضاع الجميع، فالدين والعلم جناحان يطير بهما الإنسان إلى العُلا وبهما تترقى الروح الإنساني.

تتطلب العدالة الترابط بين القول والفعل، ولذلك يجب تشكيل هيئات جديدة وإبرام اتفاقيات حديثة لتجعل الالتزام بإيفاء جميع الوعود التي تم قطعها حجر الأساس لكل جهودها المستقبلية، لابد من إعادة بناء مخزون من الثقة بعد أن أستُهلِك تماما في السنوات الأخيرة، الثقة في السلطات المنتخبة، والثقة في وسائل الإعلام، والثقة في الكشف العلمي، والثقة في الإلتزامات التي يعد بالقيام بها قادة العالم.

اخيراً يلعب العمل الجماعي ودور الشباب الإبتكارى انفتاحًا على طرق جديدة لتنظيم المجتمع واستعدادًا للتعلم من خلال العمل الدؤوب، واستعدادًا للالتزام بالمساعي العالية ورفاهية الأجيال القادمة لتحقيق وجود العالم الذي يلوح لنا هو عالم التكامل، والتوازن والجمال، والنضج، إنه عالم يتمتع بإحساس أعيد تعريف تقدمه وحُددت آليات تطوره مليء بالمجتمعات والأفراد الذين يعملون معًا نحو تحقيق أعلى تطلعاتهم.

هناك حاجة إلى إجماع وإرادة مشتركة بين الدول بقدر اكبر حول القيم التي تتطلبها المرحلة الحالية من تطور البشرية، وإلى قدر أعظم من العزم في وضع تلك القيم موضع التنفيذ، وإعادة الالتزام بما يعود بالنفع على الصالح العام، والتخلي عن كل ما يقف في طريق الاستجابة للنداء الأخلاقي والعملي للساعة الحالية.

لمن يرغب فى المزيد من التفاصيل عن الورقة البحثية المقدمة من الجامعة البهائية العالمية  “كوكب واحد موطن واحد” يمكنه الرجوع إلى هذا الرابط:

https://www.bic.org/statements/kwkb-whd-mwtn-whd

30 نوفمبر 2022

إرساء أسس مجتمع عالمي

Posted in النهج المستقبلى في 9:33 ص بواسطة bahlmbyom

  إن التقاء شعوب العالم في علاقة متناغمة ومبتكرة لهي حاجة ماسة في الوقت الحاضر.  ففي أعقاب التقدم الحاصل في ميدان المعرفة الإنسانية التي عمقت روابط الاعتماد المتبادل وقلّصت هذا الكوكب، أضحت المهمة الأساسية الملقاة على عاتق جميع سكانها هو إرساء أسس مجتمع عالمي يمكنه أن يعكس وحدانية الطبيعة البشرية.  وخلق مثل هذه الثقافة العالمية للتعاون والتوفبق سيتطلب العودة إلى الوعي الروحي وتحمل المسؤولية.

         منذ أكثر من قرن من الزمان، أعلن حضرة بهاءالله أن البشرية تدخل حقبة جديدة من تاريخها، سرعان ما تَفرِضُ فيها عملياتُ تسريع تحقيق الوحدة والاتحاد، الاعترافَ بأن البشرية شعب واحد ذا مصير مشترك.  وفي مناشدته للإنسانية لقبول الحقيقة الأساسية لوحدتها، ولتنحي جانباً حواجز العرق والدين والجنسية، التي كانت من الأسباب الرئيسة للصراع على مر التاريخ، حثها حضرة بهاءالله بأن: “… لا ينظر بعضكم إلى البعض كنظرة غريب إلى غريب، كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد”.  وبيّن أنه لا إمكانية هناك لتحقيق السلام العالمي حتى يتم قبول مبدأ الوحدة الأساسي ووضعه موضع التطبيق العملي في تنظيم المجتمع. وأضاف: “لا يمكن تحقيق إصلاح العالم واستتباب أمنه واطمئنانه إلا بعد ترسيخ دعائم الاتحاد والاتفاق” وكذلك: “عاملوا بعضكم البعض بكمال المحبة والاتحاد والمودة والاتفاق. إن قوة نور الاتفاق تستطيع أن تضيء وتنير كل الآفاق”.

         إن الوحدة التي يجب أن تدعّم أسس نظام اجتماعي قائم على السلام والعدل، هي الوحدة التي تحتضن مبدأ التنوع والتعدد وتكرمه، فالوحدة والتنوع والتعدد أمران متكاملان لا ينفصلان.  وكون الوعي الإنساني يعمل بالضرورة من خلال التنوع اللامتناهي للعقول والدوافع الفردية، فإن ذلك لا ينتقص بأي حال من الأحوال من وحدته الأساسية.  في الواقع، إن التنوع والتعدد المتأصل هو بالضبط ما يميّز الوحدة عن التجانس أو التماثل.  وبالتالي، فإن قبول مفهوم الوحدة والاتحاد في التنوع والتعدد، ينطوي على تنمية وعي عالمي، والشعور بالمواطنة العالمية، ومحبة البشرية جمعاء.  وهذا المفهوم يدفع كلّ فرد ليدرك بأنه طالما أن جسم البشرية واحد لا يتجزّأ، فإن كلّ عضو من الجنس البشري هو مولود في العالم ما هو إلا أمانة لدى البشرية بأسرها.  كما يوحي هذا المفهوم أيضاً بأنه إذا كان لمجتمع عالمي مسالم أن يبرز إلى الوجود فلا بدّ من السماح لأساليب التعبير الثقافية المتطورة والمتنوعة للإنسانية أن  تنمو وتزدهر، بالإضافة إلى تفاعل كلّ منها مع الآخر في أنماط الحضارة دائمة التغير.  “فالتنوع والتعدد في العائلة الإنسانية” كما تؤكد الكتابات البهائية، “يجب أن يكون سبب المحبة والألفة، كما هو الحال في النوتات الموسيقية المختلفة المتعددة تمتزج معاً لتنتج نغماً متكاملاً”.

         انطلاقاً من هذا المبدأ الأساسي القائل بوحدة شعوب الأرض، اشتُقت جميع المفاهيم المتعلّقة بحرية الإنسان ورفاهه.  فإذا كان الجنس البشري واحداً، فيجب نبذ كل فكرة توحي بأن جنساً معيناً أو جماعة عرقية أو قومية هي بطريقة أو بأخرى تتفوق على بقية البشر.  يجب على المجتمع إعادة تنظيم حياته بحيث يطبق عملياً مبدأ المساواة على جميع أفراده بغض النظر عن اللون أو العقيدة أو الجنس.  ويجب إتاحة الفرصة للجميع ليدركوا قدراتهم الفطرية وبذلك يساهمون في تأسيس “حضارة دائمة التقدم”.

21 أكتوبر 2022

المضي قدمًا معًا للقضاء على الفقر

Posted in النهج المستقبلى في 7:46 ص بواسطة bahlmbyom

بيان الجامعة البهائية العالمية عن الفقر

14 فبراير/شباط 2008م

الجزء الأول

1.  لقد تم أخيرًا وضع أزمة الفقر العالمية موضعًا متقدمًا على سلم الأولويات في الأجندة العالمية. وقد أشعل هذا التطور الملائم شرارة النقاش والبحوث بخصوص السبل الكفيلة باستئصال هذه الحالة المتردية من الحياة البشرية. إلا أنه، بينما تنهال التعهدات المتجددة للمبادرة بالعمل من قبل الحكومات، وبينما تفشل النظريات الراسخة منذ أمد بعيد وسبل المواجهة التقليدية في إخماد التعصبات والصراعات والنُهُج الاستغلالية القائمة منذ زمن بعيد، يسود شعور بفقدان التوجيه والسيطرة على مشروع استئصال الفقر العالمي. إلا أنه وفي نفس الوقت، ينبثق تفاؤل محسوس من الاهتمام والقوة الدافعة المُوَلَدة من جراء البحث عن حلول لهذا التحدي العالمي.

2.  لقد عُرّفَت آليات استئصال الفقر منذ أمد بعيد بمصطلحات مادية الأساس. وبالفعل، فإن العماد الرئيس لجهود الجامعة العالمية من أجل تخفيف وطأة الفقر كان ولا يزال تحويل الموارد المالية. فقد صُرِفَ في العقود الخمسة الماضية حوالي 2٫3 تريليون دولار كمساعدات خارجية.(1) لكن المأساة أن المساعدات، بدلاً من أن تأتي باكتفاء ذاتي أكثر للمجتمعات المتلقية لها، أتت في الغالب بأثر ضار: كزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية، والخنوع والتبعيّة لأولويات تمليها مصادر خارجية، وسوء استعمال الأموال وصرفها في غير موضعها الصحيح، وتقليل الضغوط للإصلاح الحكوميّ. وقد سعت الأمم المتحدة، في محاولة حازمة منها لإحداث التغيير، إلى توسيع آليات المساعدة وإلى حشد الدعم لتخفيف وطأة الفقر عن طريق “الأهداف التطوّرية للألفيّة”.(2)

3.  ما يعترف به بصورة متزايدة في يومنا هذا، هو أن حالات مثل تهميش الفتيات والنساء،(3) الإدارة الحكومية الرديئة،(4) النفور العرقي والديني،(5) الانحلال البيئي(6) والبطالة(7) تشكّل أعظم العقبات التي تواجه تقدم المجتمعات وتطورها. يُبرهِنُ كلّ ذلك على أزمة أعمق – أزمة تستمد جذورها من القيم والمواقف الذهنية التي تعطي شكلاً للعلاقات في جميع مراتب المجتمع. ومن هذا المنظور، يمكن وصف الفقر على أنه الافتقاد لتلك الموارد الأخلاقية والاجتماعية والمادية التي نحتاجها لتطوير القدرات الأخلاقية والعقلية والاجتماعية للأفراد والمجتمعات والمؤسسات. فعلى سبيل المثال، تعد المنطقية الأخلاقية واتخاذ القرارات الجماعية والتحرر من التعصب العرقي كلها أدوات أساسية لتخفيف وطأة الفقر. على مثل هذه القدرات أن تعطي شكلاً للتفكير الفردي، بالإضافة إلى الإجراءات المؤسساتية وصنع السياسات. لكي نكون واضحين، فالهدف أمامنا ليس فقط إزالة العلل المرتبطة بالفقر بل شغل إنتباه جموع البشرية وجهودها في بناء نظام عالمي عادل.

4.  يجب على الأفراد والمؤسسات العمل بالتوازي لأداء هذه المهمة. وعليه فإن أحد أهداف تخفيف وطأة الفقر يتمركز على الفرد: فيجب أنْ يُساعَدَ الفرد لاستعادة كرامته وحسه بالقيمة الذاتية، وتشجيعه لكسب الثقة بالنفس لتحسين وضعه والسعي لإدراك وتحقيق ما فيه من قوى كامنة. ويجب رعايته لينظر إلى أبعد من تحقيق الرفاه الفردي ليصبح مصدرًا للخير الاجتماعي – الصلح والسعادة والمنفعة لمن حوله. تصل إنسانيتنا إلى أعظم درجات التعبير عندما تكون في مستوى الخدمة للآخرين. أما الهدف الثاني فيتمركز حول المؤسسات: والتي يجب عليها أن تعمل على جميع شرائح المجتمع، كقنوات تُسَخّر عن طريقها مواهب وطاقات الفرد لخدمة الإنسانية. في الحقيقة تمثل الموارد التي تساعد على تطوير هذا الفرد والقدرة المؤسساتية مصدرَ ثروةٍ حقيقيّ للمجتمع.

5.  كما تحكم المبادئ المادية العالم المادي، فالعالم الاجتماعي تحكمه بنفس الطريقة مبادئ أخلاقية والتي تشكل الأساس لعمل مجتمع منظم. فمبادئ مثل مساواة الجنسين،(8) والأمانة،(9) واتاحة الحصول على التعليم، وحقوق الإنسان، وحرية الدين،(10) على سبيل المثال، تعنى بعلاقة إيجابية مع مقاييس الاستقرار والرفاه الاجتماعي الاقتصادي. يدعو الارتباط فيما بين التحديات التي تنشأ من الفقر إلى التعبير عن المبادئ القادرة على توجيه التحليل، واتخاذ القرار وتطوير مؤشرات لقياس التقدم. إن الميزة الرئيسة لعملية تعتمد على المبادئ هي أنها توجه الأفراد والمؤسسات بعيدًا عن التركيز على اهتمامات منعزلة وقصيرة الأمد لينظروا، بدلاً من ذلك، إلى المشاكل من منظور شمولي كلي منظم وطويل الأمد. من أجل أن يكتسب أي قرار الدعم ويأتي بنتائج، يجب أن تتصف عملية صنع القرارات بالنزاهة: عليها أن تشمل أولئك الذين يتأثرون بصورة مباشرة بالقرار ويجب أن تحكمها معايير أخلاقية متفق عليها ومُتّسمة بالشفافية.

6.  تود الجامعة البهائية العالمية في هذا السياق أن تعرض مبدأين كمنارين هاديين للجهود المبذولة في مجال استئصال الفقر: العدل والوحدة. إن هذين المبدأين يشكلان أساس الرؤية لتطور يخدم فيه التقدم المادي كوسيلة للتقدّم الأخلاقي والحضاري للبشرية. ويَوَفُر العدل الوسيلة التي يمكن بها تسخير القوة الكامنة للإنسان لاستئصال الفقر من بيننا، عن طريق تطبيق القانون، وتعديل الأنظمة الإقتصادية، وإعادة توزيع الثروة وإتاحة الفرص والتمسك بأعلى المعايير الأخلاقية في الحياة الشخصية والعامة دون أدنى تقصير. أما الوحدة فتؤكد على أن التقدم يتصف بأنه شمولي كلي منظم ومرتبط بعضه ببعض، وأنه يجب أن يوجه جهودنا لتخفيف وطأة الفقر اهتمامًا بسلامة وكمال وحدة الأسرة والمجتمع المحليّ والوطنيّ والعالميّ.

8 أكتوبر 2022

تاريخ البهائيين في مصر

Posted in النهج المستقبلى في 10:04 ص بواسطة bahlmbyom

يعود تاريخ الدين البهائى في مصر إلى أكثر من قرن ونصف من الزمان فقد وصل البهائيون الأوائل إلى مصر فى عام 1863 وأقاموا فيها وتعاملوا مع من حولهم بكل محبة وإخاء، وفى عام 1868 وعندما كان حضرة بهاء الله- مؤسس الدين البهائى- في المرحلة الأخيرة من نفيه ١٢ أغسطس ١٨٦٨وأثناء توجهه من مدينة أدرنة في  تركيا  إلى مدينة حيفا مر بمصر حيث رست السفينة بمدينة الأسكندرية  قبل توجهه الى وجهته الأخيرة فى مدينة عكا.                                                                                                                                                                                                  

   وقد جاء ميرزا أبو الفضل أحد الشخصيات البهائية المميزة والذى يُعد من أوائل البهائيين البارزين ورائداً  إلى مصرعام 1894 حيث استقر لعدة سنوات وعمل في جامعة الأزهر كمدرس ونجح في نشر العديد من الكتب البهائية ، أصبح أبو الفضل أيضًا صديقًا للكُتّاب وناشري المجلات وظهرت العديد من المقالات التي ألفها في الصحافة المصرية في عام 1896 ، وعندما أٌغتيل ناصر الدين شاه في إيران أستخدم زعيم الدولة الإشاعات القائلة بأن الأغتيال تم تنفيذه من قِّبل البهائيين ولكن أبو الفضل دافع عن تلك الشائعات المغرضة وصرح بأنه هو نفسه بهائياً وأصبح معروفاً فى كل الأوساط بإنتمائه للدين البهائى ،صدر خلال هذا الوقت كتابان لميرزا أبو الفضل كتاب “الفرائد” عام 1898 ردًا على هذا الهجوم ثم كتاب” الدرر البهية “عام 1900 ويُعَدا من أعظم الكتب التى قام بتأليفها وأثناء تلك الفترة توسعت الجامعة البهائية فى مصر  حيث تم نشر عدد من الكتب البهائية باللغة العربية في القاهرة ، وأصبحت مصر نقطة عبور للبهائيين الغربيين القادمين من وإلى عكا وكانت الجامعة البهائية في مصر ذات يوم من بين أكثر المجتمعات نشاطًا وحيوية في الشرق الأوسط ، حيث تأسست المحافل الروحية المحلية في جميع أنحاء البلاد. ومن عام 1900 إلى عام 1910 تم نشر العديد من المقالات والكتب عن الدين البهائى ونشير هنا إلى أن أبا الفضل  قد توفى فى مصر ودفُنَ عام 1914- بالروضة الأبدية – المقابر البهائية والتى خُصِّصت كمدافن للبهائيين من قِبّل الحكومة المصرية آنذاك.

وقد زار أيضاً حضرة عبد البهاء – عباس افندى- الأبن الأرشد لحضرة بهاء الله والمبين والمفسر لتعاليم والده ومركز عهده وميثاقه مصر عام 1910 كانت هذه فرصة للمزيد من الأدباء ورجال الدين والحكم والصّحافة أن يقابلوا حضرة عبد البهاء طوال فترة إقامته ، ومن بعض هذه الشخصيات الخديوي عباس حلمي باشا الثّاني الذى قابله أكثر من مرة،والتقى بالشّيخ محمّد بخيت المفتي وبالشّيخ محمّد رشيد واتّصل بكثير من العلماء والباشوات، وأقطاب الإيرانيّين، وعدد من أعضاء البرلمان التّركيّ، ومحرّري أمّهات الصّحف في القاهرة والإسكندريّة وغيرهم من أقطاب الهيئات الدّينيّة الشّهيرة وممثّليها حتى ومن قبل أن يحط حضرة عبد البهاء بقدميه في أرض مصر الطّيبة تناقلت الآنباء عن قرب وصوله مما جعل عبد الرحمن البرقوقي، صاحب مجلة البيان (القاهرية) يكتب في عدد مجلته الصادر في شهري شوال وذي القعدة سنة 1331هجرية، واصفا هذا الترقّب: “وما زلنا بهذه الحال من الشغف واللهفة إلى أنْ ابتسمت لنا الأيام وأديل لنا اليسر من الإعسار وقَدمَ حضرة زعيم البهائيين الأكبر عبدالبهاء عباس أفندي إلى وادي النيل وقطعت جهيزة قول كلّ خطيب فكدنا نخرج من جلودنا فرحاً واغتباطاً بقدوم الرئيس الأكبر إلى بلدنا وشغفنا الشغف كلّه بلقياه حتّى أتاح لنا القدر أنْ حظينا بزيارته في الشهر الماضي بمنزله برمل الإسكندرية وبعد عودته  من رحلته بالغرب مكث حضرة عبد البهاء في مصر ما يقرب من ستة أشهر مرة أخرى قبل عودته إلى حيفا وعكا.

وفى عام 1924تشكل اول محفل مركزى للبهائيين فى مصر وتم تعميق وجود الجامعة البهائية  وتوسعت أنشتطهم حتى عام 1960 ولكن بعد تغيير النظام السياسي فقد البهائيون جميع حقوقهم كمجتمع ديني منظم بموجب القانون 263 وبمرسوم رئاسى  فتعرضوا للعديد من حملات التهديد بل والسجن إلى جانب القيود المستمرة على أنشطتهم الشخصية والدينية والإجتماعيةانى البهائيون من مشكلات عدة؛ تتعلق بعدم مقدرتهم على استخراج شهادات الميلاد والوفاة، وعقود الزواج، وتصاريح العمل، وجوازات السفر، وغيرها من الأمور الخاصة بالأوراق الثبوتية في الجهات المدنية والإدارية للدولة، والتمييز ضدّهم في بطاقة الهوية، عند خانة الديانة، بوضع إشارة على هيئة خطّ أفقي صغير، ما يعني أنهم بلا دين كل هذا التمييز دون اي مبرر يُذكر غير كونهم يدينون بالدين البهائى. 

وأيضاً نذكرالشخصية البارزة  الفنان حسين بيكار الذى ُولِد في الإسكندرية عام 1912 وآمنَ بالدين البهائى ، ويُعَد من أشهر رسامي البورتريه المصريين ،وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1978 ، ووسام الاستحقاق عام 1980 ، وعام 2000  قبل وفاته بفترة وجيزة حصل على جائزة مبارك وقد أشاد بيت العدل الأعظم  – الهيئة العالمية العليا القائمة على إدارة شؤون الدين البهائي-  بإسهاماته في المجتمع المصري بعد وفاته عام 2002.

مفهوم المواطنةللبهائيين

أما عن المواطنة بالنسبة للبهائيين فينظرون إليها من منطلق هذا المفهوم:

” يدخل البهائيّون ميدان التّعاون ومع عدد متنام من الحركات والمنظّمات والمجموعات والأفراد، ذلك للقيام بمساع مشتركة تهدف إلى تغييرالمجتمع وتعزيز الوحدة والإّتحاد، وترويج رخاء الجنس البشريّ والمساهمة في تحقيق التّضامن العالمي.”

– بيت العدل الأعظم-

ومن هذه الرؤية فإن مفهوم البهائيين عن المواطنة يتلخص فى البذل والعطاء والخدمة فيسعون جاهدين كمواطنين وكجزء أصيل من نسيج أوطانهم  بصورة فردية وجماعية  للمشاركة في حياة مجتمعاتهم، ويعملون جنبا إلى جنب مع مختلف المجموعات للمساهمة في تقدم الحضارة المادية والروحية ويتناولون مجاليْن من المساعي يُكْمل كل منهما الآخر فهناك العمل الاجتماعي والذي يرسم طيفا من الأنشطة التي تنفذ في الغالب على مستوى القاعدة، وتهدف إلى الرخاء المادي والأجتماعي للمجتمع وهناك مساع أخرى وثيقة الصلة ترتبط برخاء المجتمع على المستوى الفكري من خلال مساهماتهم في الحوارات السائدة في مجتمعاتهم  فعلى المستوى الفردي تتضمن هذه المساعي في العادة مشاركة البهائيين بأفكارهم وخبراتهم للمساهمة في المجهودات التى تُركز على القضايا الحيوية من قبيل مساواة الرجال والنساء ،والتنمية المستدامة، وتعليم الأطفال والبرامج التعليمية للشباب الناشئ والتى تمكنهم من الإنخراط فى خدمة أوطانهم وتحقيق ذواتهم فيقدموا بذلك مساهمات نحوالتقدّم الروحي والمادي للحضارة البشرية. هذا هو مفهوم البهائيين للمواطنة إذ يعملون جنباً الى جنب مع اصدقائهم وجيرانهم بجهدٍ لرفعة أوطانهم وتقدمها وتحقيق الرؤية المستقبلية فى تأسيس حضارة إنسانية تسع الجميع وبيئة حاضنة  ننطلق منها لتحقيق وحدة العالم الإنسانى .

.

الصفحة التالية